عبدالله بن بخيت

تذكرت كلمة فسطاطين فور إعلان الرئيس الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمه سلفه مع إيران، دخلت هذه الكلمة قاموسنا عندما أطلقها بن لادن زعيم تنظيم القاعدة لوصف حالة الاستقطاب العالمي من وجهة نظره.

كان بن لادن يتحدث بلسان الملايين من المسلمين (كتّاباً ومثقفين ورجال دين) الذين يرون رأيه في مسألة انقسام العالم. نحن طرف وبقية العالم طرف آخر يتربص بنا.

أكد الرئيس الأسبق الأميركي الأسبق باتفاقه مع إيران أن مقولة الفسطاطين صحيحة. فالاتفاق لم يتوقف فقط على أميركا بل ضم جميع المتربصين بنا الأساسيين الاتحاد الأوروبي وأميركا والصين وروسيا وإيران والأمم المتحدة، لا شك أن إسرائيل كانت سعيدة بالاتفاق ولكن الخبث الصهيوني جعلها تظهر شيئاً من الممانعة لكي تنطلي الحبكة على المسلمين، بل إن ممانعة إسرائيل كما قال أحدهم هي الجزء الأخبث من المؤامرة، سيرى العرب في إسرائيل الحليف الوحيد الذي سيساعدهم على التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة الأمر الذي سيدفعهم للتطبيع معها.

خرجت أميركا من الاتفاق وكما قال تحليل في رويترز إن مسألة بقاء أوروبا في الاتفاق ضعيفة ولن تجدي في النهاية، عملياً انتهى الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى والأمم المتحدة.

الانقسام الحاد حول الاتفاق بين الدول الغربية ربما يدفعنا إلى إعادة النظر في نظرية الفسطاطين، تحسينها أو إلغاؤها أو تعميقها، لا أعلم في أي الاتجاهات سنسير بالنظرية.

هل سيكشف لنا فشل الأوروبيين في إقناع ترمب بالبقاء في الاتفاق أن الغرب مصالح وأهداف تلتقي حيناً وتختلف أحياناً؟ هل سيقنعنا هذا التناقض بين أوروبا وبين أميركا أن نبحث عن نظرية جديدة لتفسير الصراعات العالمية التي نكون طرفاً فيها؟

هل ستخبرنا نظرية الفسطاطين أن انسحاب أميركا من الاتفاق وحدها ليس إلا جزءاً من سلسلة التآمر على فسطاطنا الإسلامي وأن الهدف منه ابتزاز العرب والمسلمين ودفع إيران نحو المزيد من التطرف لكي يبتزنا الغرب، وأن فترة سريان الاتفاق ليست سوى حيلة لإعادة أموال إيران المجمدة؟

وإذا لم نرغب في إلغاء نظرية الفسطاطين أو في تعميقها هل سنسعى إلى تحسينها. كأن نقول إن الدول الغربية لا شك تتآمر علينا ولكن فسطاطهم كفسطاطنا يشوبه بعض الأحيان شيء من الضعف والتفكك المرحلي على اعتبار أن الغرب في النهاية بشر ومن طبائع البشر الاختلاف. اختلافهم على الاتفاق النووي مع إيران لا يفسد للود المتفق عليها ضدنا قضية.

ما أحدثه الرئيس الأميركي سيحدث دوياً كبيراً في سوق نظرية المؤامرة الإسلامية. ستكشف لنا المقالات والتحليلات السياسية العربية في الأسابيع المقبلة إلى أين ستتجه نظرية الفسطاطين..