ثائر عباس

تسعى القوى السياسية اللبنانية إلى قراءة موازين القوى الجديدة في البرلمان المقبل، مع بدء تبلور اصطفافات النواب الفائزين في الانتخابات الأخيرة، وخروجهم من التحالفات الانتخابية التي حتمت أحياناً جمع المتناقضات في لائحة واحدة، إلى تحالفات انتخابية واسعة بدأت صورتها تظهر شيئاً فشيئاً، قبل نحو شهر على نهاية ولاية البرلمان الحالي وبدء ولاية البرلمان الجديد.

وفيما تسعى الأطراف الفائزة في الانتخابات إلى الضغط من أجل زيادة حصتها الحكومية، تقول قراءة أخرى للتوازنات اللبنانية، إنه لا يمكن لأي فريق أن يأخذ أكثر من حصته التي تنص عليها أعراف توزيع السلطة في لبنان.

وأكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أنه يسعى لإنشاء تكتل وطني عريض داخل البرلمان اللبناني الجديد، الذي ستبدأ ولايته في 21 يونيو (حزيران) المقبل. ورأى بري أن «الوضع الاقتصادي والمالي أخطر من احتمالات حصول حروب في المنطقة»، معتبراً أن الملف الاقتصادي، ومحاربة الفساد والإصلاحات المالية، يجب أن تكون الشاغل الأول للحكومة اللبنانية الجديدة التي ستتألف بعد بدء ولاية البرلمان المقبل.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، أكد الرئيس بري أن لا بحث حالياً في أي شأن متعلق بالحكومة الجديدة بين الأطراف السياسية، بانتظار بدء ولاية البرلمان الجديد الذي يفترض به أن يجتمع في الـ23 من الشهر المقبل من أجل انتخاب رئيسه ونائبه، واستكمال هيئة مكتبه، ومن ثم إطلاق المشاورات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة. لكن بري أعلن أنه يفضل أن تضم الحكومة المقبلة جميع الأطراف الممثلة في البرلمان. وإذ رأى أن فريق «8 آذار» (أمل و«حزب الله» وحلفاء سوريا) قد انتهى تماماً، كما انتهى فريق «14 آذار»، اعتبر أن ثمة إعادة خلط في التحالفات التي يبدو أن بعضها غير مفهوم تماماً، مشيراً إلى أن الفريق الذي كان يعرف بـ«8 آذار» بات يمتلك أكثر من 50 مقعداً في البرلمان (من أصل 128)، لكنه نفى أن يكون حليفه «حزب الله» يريد أن يزيد من حصته داخل الحكومة.

ولاحظ بري أن حزب «القوات اللبنانية» نال حصة وازنة من النواب المسيحيين (قاربت الـ16 نائباً) تلامس حصة «التيار الوطني الحر» (الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل) في البرلمان المقبل.

وأعلن بري أمام زواره، أمس، أنه منفتح على الجميع، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مؤكداً أن لا مشكلة لديه مع الرئيس، لكن يوجد آخرون لديهم مشاكل معنا. وأكد استعداده للتعاون التام في المرحلة المقبلة من أجل النهوض بالبلاد من الواقع السيئ الذي تعيشه حالياً. وأكد بري على العلاقة الإيجابية مع رئيس الحكومة سعد الحريري، لكنه رفض الخوض في التسميات بانتظار الآلية الدستورية المتبعة، مشدداً على أنه يريد تطوير العلاقة مع الحريري.

وقال بري إن الحكومة المقبلة يجب أن تتصدى للموضوع الاقتصادي، منبهاً إلى أن القروض التي حصل عليها لبنان من مؤتمر «سيدر» الذي انعقد في باريس مؤخراً، ليست مجانية، فهي هذه المرة مشروطة بالقيام بإصلاحات، وعيون المجتمع الدولي مفتوحة على تقييم الأداء الذي ستقوم به الحكومة، وتعزيز الشفافية. وتخوف بري من أن تتم «إعادة فتح بعض الملفات التي رميناها خلفنا، كملف الكهرباء واستئجار بواخر الكهرباء التي تكلف الكثير وترسم الكثير من علامات الاستفهام، فيما يتم التغاضي عن الحلول الأخرى الأقل كلفة وأكثر فاعلية، معتبراً أن عودة هذا الملف إلى الواجهة سيحمل إشارات سلبية للواقع اللبناني».

وأكد بري أن الملف الاقتصادي أخطر من وضع المنطقة واحتمالات نشوب الحرب فيها. ورأى أن احتمالات الحرب في المنطقة باتت أقل بكثير نتيجة توازن الرعب القائم بين مختلف الأطراف.