بدر القحطاني

«أتينا لنكون الأول، واليوم صرنا الأول، ولدينا مضمون أهم من مضمون كل القنوات الموجودة في المنطقة بما فيها «الإم بي سي»، لدينا أعمال حصرية، عندنا شاشة نظيفة، إنتاج راق، ولدينا حماسة عالية».

بهذه الكلمات يبدأ الإعلامي السعودي المخضرم داود الشريان الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية تصريحه لـ«الشرق الأوسط» التي استفسرته عن القناة التي ولدت من رحم التلفزيون السعودي، واستبق الشارع الإعلامي السعودي بإعلانها الترويجي المثير: «غصب تحبها» نسبة إلى فكاهة اجتماعية قديمة على القنوات الرسمية تشير إلى قلة الاختيارات لدى المشاهد قبيل استحداث الفضائيات. ويتعهد الشريان بالقول: «عيني على أن نصنع تلفزيونا تستحقه السعودية بحجمها وثقلها على الصعد الدولية والعربية والإسلامية».

بإنتاج «نوعي» في رمضان، مع تعهدات بإنتاج أضخم في سبتمبر المقبل، أسدلت قناة «SBC» السعودية الجديدة ستار بثها متكئة على نجوم «الصف الأول»، ليسطر تاريخ الإعلام السعودي أن هذه القناة أبصرت النور في 17 مايو (أيار) 2018. في أول أيام رمضان لهذا العام.

قادت 6 مسلسلات سعودية وعربية مع باقة من البرامج والمسابقات المنوعة، الانطلاقة الأولى لقناة سعودية واعدة، يؤمن القائمون عليها أنها ستشكل نقلة نوعية للتلفزيون السعودي، تعيد وهجه السابق، لكن على الطريقة السعودية الحديثة، إذ تستلهم القناة الجديدة روح عراب التسارع الهائل في النمو والإتقان والقفز بالبلاد إلى الأفضل من جميع زوايا: «رؤية 2030».

وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عواد العواد يؤكد على أن «ما نحتاجه اليوم هو أن نعمل سويا على إعادة تشكيل وهيكلة الإعلام السعودي»، مضيفا بلهجة سعودية بيضاء: «السعودية زاخرة بالمواهب، شباب وشابات يرفعون الرأس»، وبحسب حديث الوزير في مقطع فيديو نشره حساب «SBC» بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، فإن «الإعلام بشكل عام والإعلام السعودي بشكل خاص كان إلى وقت قريب قائدا للمنطقة، ومنتصف التسعينات كان هناك هدوء»، لكنه يشدد على أن الوضع في الفترة الحالية مختلف، ويقول: «اليوم هناك قرار سياسي، نريد الانتقال من هذه المرحلة إلى مرحلة تليق بقوة المملكة وهي أن نكون قائدا للإعلام في منطقة الشرق الأوسط»، ولا شك أن الأمور اختلفت بشكل كبير جدا بعد إطلاق المملكة رؤية 2030 بقيادة ولي العهد، ومن القطاعات الهامة جدا في تحقيق هذه الرؤية هو قطاع الإعلام.

بدوره، يقول داود الشريان في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن المعروض الآن لم يصل إلى 40 في المائة من الانطلاقة الضخمة التي ستكون سعودية تقوم على السعوديين وتستهدف مشاهدتهم، والانطلاقة الكبيرة ستبدأ من سبتمبر (أيلول) المقبل، وهناك ما هو أضخم وأهم مما يعرض في رمضان، لدينا برامج مسابقات، منوعات، برامج علمية وثقافية، كلها يجري إنتاجها الآن لكي تبدأ مع الانطلاقة الكبيرة في سبتمبر المقبل.

وتعد القناة أحد ملامح «رؤية 2030»، ويعول الشريان على «شباب كثر أصبح لديهم خبرة وآخرون لديهم موهبة، وسيكون هناك تدريب مع محطات عربية ودولية لتطوير هذه الكفاءات، وخلق بيئة عمل ممتعة».

على مدار سنوات كثيرة، حمل الإعلامي السعودي داود الشريان على عاتقه استحداث نقلة في الإنتاج السعودي للبرامج، فأشعل «كبريت» برنامج حواري بدأ في الإذاعة وانتقل سريعا إلى الشاشة، فحاز ملايين المشاهدات، وطرح مئات القضايا وعالجها بأفكار وطاقات سعودية شكلت لها تجربة «الثامنة» مع داود، ومن قبله «الثانية»، ضوءا ومسارا وتجربة مفادها أنك إذا منحت الفرصة للمحترف والموهوب السعودي وأوجدت القدرات التي تستطيع مع ترتيب فرق العمل إنتاج محتوى نوعي، ستأتيك تقارير وأرقام المشاهدات بما لا تتوقع، وهو ما أحدثه الثامنة سواء اتفق أو اختلف على مضمونه المشاهد.

اعتمر داود قبعة التحدي من جديد واتجه إلى التلفزيون السعودي الرسمي، في تجربة أخرى لو كان غيره القائل إنها سهلة لصارت مادة تندر على وسائل التواصل الاجتماعي والأوساط الإعلامية، بيد أن نبرته كانت شديدة عندما قال في فيديو ترويجي لقناة سعودية جديدة انطلقت قبل أيام: «المهمة بسيطة، هناك دعم من القيادة، هناك دعم من وزير الإعلام».

يقول داود: «في رمضان لدينا 6 مسلسلات من مسلسلات الصف الأول، وسنعتمد على الشباب السعوديين في يوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، استقطبنا منهم مجموعة، وسنستقطب المزيد، وسيكونون جزءا منا، لأن الشباب السعودي يريد أن يرى نفسه فينا، كل الوجوه الشابة في وسائل التواصل الاجتماعي والكاريكاتير واليوتيوب، كلهم بإذن الله سوف نستقطبهم».

كما كشف الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية أن هناك اتجاه إلى تخصيص القناة وتحويلها إلى العمل بمرونة القطاع الخاص، مؤكدا على أن الأهم يتمثل في حظوة القناة «ببداية دخل إعلاني واعد جدا، دخلها الإعلاني كبير جدا بالنسبة لقناة بدأت للتو، هناك قنوات على مدار عملها السنين الماضية لم تستطع الوصول إلى الدخل الذي استطاعت أن تدخله القناة مع انطلاقتها».

كما تعهد داود بأن يكون موقع القناة الإلكتروني متوفرا مجانا على شبكة الإنترنت، ويقول: «أطلقنا موقع «شاشتكم» لتوفير المحتوى على حسب الطلب، وسيوفر جميع مواد القناة بالإضافة إلى البث المباشر للقناة مجانا على الإنترنت، وسيكون رفع البرامج قبل نهاية بث أي برامج».

ويقول المنتج السعودي محمد التركي لـ«الشرق الأوسط» «ليس من السهل تأسيس قناة قبل رمضان بخمسة أشهر، وداود أعتقد بأنه الشخص المناسب لقيادة المرحلة، فرغم وجود كفاءات قد تكون أفضل منه، إلا أن ما يميزه عن البقية نجاحه في تقديم النموذج غير التقليدي (...) فهو لا يحقق النجاح وحده وإنما بفريق العمل... فهو يصنع الفريق بنفسه ولا يعتمد على فريق ثابت كما هو معتاد عند انتقال مدير من مكان إلى مكان في بيئات العمل العربية المختلفة».

والتركي أحد الشبان المشاركين في الإنتاج، ويقول إنه ينفذ أفلاما وثائقية بطريقة سينمائية لبرنامج باسم «كفو»، ويعرض من خلاله نجاحات شبابية في جميع المجالات، لافتا إلى تركيز البرنامج على لم يعتمد على ما هو معتاد في بعض البرامج التي تستعرض أثرياء يتحدثون قصص نجاحهم، بل شخصيات بسيطة تكون في العادة غير معروفة إعلاميا.