سعيد السريحي

لا يبلغ الأعداء من جاهل

ما يبلغ الجاهل من نفسه

حكمة قديمة رددتها العرب طويلا، وقلبتها على مختلف أوجهها كلما تمثلت ببيت الشعر هذا، وكلما تكشفت لها الحياة عن أوجه لرجال وأشباه رجال لا يعرفون من يعادون ومن يصادقون، ولا يميزون بين من يعمل لصالحهم ومن يكيد لهم، ويصبحون بذلك كله، أو لذلك كله، أشد إضرارا بأنفسهم من خصومهم.


تلك الحكمة وبيت الشعر ذلك لا يصدق على أحد كما يصدق على بعض الفلسطينيين الذين مرت سبعون عاما على ضياع وطنهم وسلب حقوقهم وما زالوا كلما تلقوا صفعة لم يجدوا جهة يحملونها مسؤولية ما حدث إلا السعودية، متجاهلين عقودا من الزمن اعتبرت المملكة القضية الفلسطينية قضيتها الأولى التي لا تبخل عليها بالمال ولا تتخاذل عنها في موقف.

تلك الفئة من الفلسطينيين التي ورثت أولئك الذين باعوا فلسطين لليهود فباعوا هم أصواتهم وحناجرهم فلم يتركوا قبيحا من القول إلا وصفوا به المملكة قيادة وشعبا، على نحو جعل من حق كثيرين منا أن يتساءلوا عما إذا كان من المطلوب منا مناصرة قضية أرض نالنا من بعض أهلها الذم والنكران للجميل، وما عرفنا من كثير منهم إلا المتاجرة بأرضهم وقضيتهم.

أولئك الذين ضلت أعمالهم لا يتنكرون للمملكة فحسب بل يتنكرون لقضيتهم، فهم لا يواجهون أعداءهم الحقيقيين وإنما يعملون على خلق أعداء جدد كانوا مناصرين لهم، وهم بذلك كله أسوأ ممثلين لأعدل قضية، وليس لأحد أن يتوقع تحرير فلسطين واستعادة القدس ما دام من بين الفلسطينيين تلك الفئة التي عناها مظفر نواب بقوله (البعض يتاجر في كل قضايا الدنيا وينسى وجه قضيته.........).