انتخب البرلمان اللبناني نبيه بري رئيساً له للمرة السادسة على التوالي في جلسته الأولى بعد نحو أسبوعين على الانتخابات النيابية التي جرت بعد التمديد المتتالي للمجلس منذ عام 2009، بينما أعلن عن اجراء الاستشارات النيابية اليوم لتكليف رئيس للحكومة، وبات محسوماً أنه سيكون رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، انطلاقاً من مواقف معظم الكتل التي أعلنت تأييدها له باستثناء «حزب الله».


وكما كان متوقعاً حظي بري بأكبر نسبة من الأصوات بحيث انتخبه 98 نائباً من أصل 128، مقابل 30 ورقة بيضاء وورقة ملغاة. وتوزّعت الأوراق البيضاء بين كتلة «القوات اللبنانية» 14 صوتاً بعد إعلان النائب قيصر المعلوف أنه سينتخب بري، إضافة إلى كتلة «حزب الكتائب اللبنانية» المؤلفة من ثلاثة نواب ونحو 13 نائباً من «التيار الوطني الحر» الذي أعطى الحرية لنوابه للاقتراع بورقة بيضاء أو لصالح بري.
وكان يوم انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة البرلمان قد بدأ صباحاً باصطحاب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري النائب ميشال المر من منزله، بصفته كبير السن بين النواب، وفق الأعراف، إلى مجلس النواب حيث أدار الجلسة بمساعدة النائبين الأصغر سناً، سامي فتفت وطوني فرنجية. وكان للحريري تعليق له من دارة المر، حيث قال معلقاً عن سبب انتخاب «كتلة المستقبل» بري «نتفق مع الرئيس بري دائماً على رغم بعض الخلافات وهو قيمة وطنية وهناك تعاون بيننا» وعبّر عن تفاؤله حول تشكيل الحكومة المقبلة.
وبعد الإعلان عن فوز بري، ألقى الأخير كلمة شكر فيها «رئيس السن» ميشال المر، و«الشكر ست مرات للزملاء النواب على ثقتهم بتجديد انتخابي لمسؤولية رئاسة المجلس». وأعلن أن «أولى المهام التي تقع على مجلسنا تشكيل نائب رئيس المجلس وهيكلته ومن ثم اللجان النيابية ورؤسائها ومقرريها، والتزام المشاورات النيابية لاختيار رئيس حكومة وتكليفه لتشكيل الحكومة».


وأعلن بعدها بري انطلاق عملية انتخاب نائب له، وكان قد أعلن النائب إيلي الفرزلي الذي سبق له أن تولى هذا المنصب سابقاً ونائب «القوات» أنيس نصار ترشيحهما. وكما كان متوقعاً، فاز الفرزلي بنيابة رئاسة مجلس النواب بـ81 صوتاً مقابل 32 صوتاً لنصار، و4 أصوات للنائب نقولا نحاس، وصوت للنائبة بولا يعقوبيان و8 أوراق بيضاء وورقتين ملغاتين. وكان «تيار المستقبل» أعلن رفضه التصويت للفرزلي، بينما قال «اللقاء الديمقراطي» على لسان رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط أنه سيتمنى على النواب انتخاب الفرزلي مع ترك حرية الخيار النهائي لهم.
وكان الفرزلي المعروف بقربه من النظام السوري قد شغل المنصب ذاته منذ انتخابه نائباً في عام 1992 حتى عام 2004، وخاض الانتخابات النيابية في دورتي 2005 و2009 بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان ولم يحالفه الحظ.
وقد سجّلت مغادرة وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق قاعة مجلس النواب مع بدء الاقتراع لنائب رئيس المجلس ولم يشارك في جلسة الانتخاب.
واستكملت انتخابات هيئة المجلس، حيث أعلن بري انتخاب أميني السر النائبين آلان عون في «كتلة لبنان القوي» بـ84 صوتاً ومروان حمادة في «كتلة «اللقاء الديمقراطي» بـ76 صوتاً، في حين نال النائب اسطفان الدويهي، من كتلة «تيار المردة» 42 صوتاً، إضافة إلى فوز المفوضين الثلاثة في هيئة مكتب المجلس بالتزكية وهم، ميشال موسى وآغوب بقرادونيان وسمير الجسر.
وبعد انتهاء جلسات الانتخاب، توجّه بري وأعضاء هيئة المجلس للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، وأعلن بعدها اجراء الاستشارات النيابية الخميس (اليوم) لتكليف رئيس للحكومة. وفي كلمته بعد انتخابه، تمنى بري على النواب أن ينصرفوا لممارسة مهامهم التشريعية والرقابية. وقال: «يجتمع مجلسنا النيابي الجديد بعد تحقيق الاستحقاق الانتخابي النيابي ليشكل أجمل هدية لشعبنا في ذكرى الـ18 للتحرير».
وأضاف: «انجلى غبار المعارك الانتخابية وأقدم لكم التهاني، وباسمكم أشكر الشعب اللبناني لاستجابته للمشاركة في الانتخابات النيابية، مؤكداً «ثقتكم بتجديد انتخابي رئيساً للسلطة التشريعية يحملني مسؤولية أكبر للمحافظة على هذا المجلس وكل لبنان».
وقال: «المجلس النيابي كان دائماً حاضراً في مواجهة استهداف الإرهاب وحدودنا، وكان له إلى جانب الحكم والحكومة خطوات لرفع التهديد عن لبنان وشعبه»، مضيفاً: «لقد قدمنا خلال السنوات السابقة مسيرة الاتحادين البرلمانيين العربي والإسلامي وأسهمنا في توطيد مسار الديمقراطية في الوطن العربي وخفض التوترات على الساحتين العربية والإسلامية».
وأضاف: «وأمام مجلسنا سلسلة أمور تشريعية ومنها، اقتراح قانون اللامركزية الإدارية، حصول المجلس النيابي على قاعدة بيانات حول تعثر نمو الاقتصاد ومكافحة الفساد والرشوة والاحتكار وإقرار قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد وإصدار القوانين لاستقلالية القضاء والرقابة وإنجاز كل ما يتصل بقطاع النفط وإنشاء شركة البترول الوطنية وإغلاق ملف التعويضات في شتى المجالات».
وشدد على حماية الدستور، وخصوصاً مقدمته المتعلقة بصيغة العيش المشترك ومنع تمرير أي مشروع يتعلق بالتوطين، وتحصين الحدود السيادية البرية والبحرية والجوية دولة وجيشاً وشعباً ومقاومة من اعتداءات إسرائيل، مشدداً على ترسيم الحدود ودعم قضية الشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ورفض صفقة العصر وما يتصل بها، ودعم الحلول السياسية. وختم: «أنا متأكد أن المجلس سينصرف لممارسة مهامه التشريعية والرقابية لازدهار الإنسان وتعميق الاستقرار».

لقطات من الجلسة


> النائب بولا يعقوبيان شكت من «مخالفة» جرت خلال عملية فرز الأصوات بعدما ارتأى الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر اعتبار الورقة التي وضعتها يعقوبيان ورقة بيضاء دون إعلان ذلك، علما بأنها كانت قد كتبت عليها اسم المخرجة اللبنانية العالمية نادين لبكي. وقد أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد انتخابه أحقية يعقوبيان بمعارضة ما حصل.
> توجه رئيس الحكومة سعد الحريري شخصيا إلى دارة النائب ميشال المرّ، الذي ترأس جلسة الانتخاب، باعتباره الأكبر سناً بين النواب، وذلك لاصطحابه إلى مبنى البرلمان في وسط بيروت.
> حضور النائب عن عكار محمد سليمان، ممثل العشائر، بالزي العربي، وهو مشهد لم تعتده البرلمانات اللبنانية السابقة.
> تهافت النواب الجدد للإطلالة عبر وسائل الإعلام من أمام الباب الرئيسي للبرلمان.
> توجه أحد نواب كتلة «التنمية والتحرير» إلى النائب يعقوبيان خلال احتجاجها على عدم قراءة الاسم الذي كتبته على الورقة، قائلا: «يجب أن تأخذي وقتك لتتعلمي».
> رفع النائب عن «جمعية المشاريع الإسلامية» عدنان طرابلسي إشارة النصر من على درج المجلس النيابي أمام الكاميرات.
> رفع صور عملاقة كُتب عليها: «مبروك دولة الرئيس نبيه بري» قبل بدء النواب بالتوافد إلى المجلس النيابي.
> إعلان النائب في تكتل «لبنان القوي» نعمة أفرام قبل دخوله إلى الجلسة أن الناخبين في قضاء كسروان حملوه رسالة تقضي بالتصويت بورقة بيضاء لرئاسة المجلس النيابي، مشيرا إلى أنه سيقوم بذلك مضطرا.
> جلوس الرئيس بري على مقاعد مجلس النواب للمرة الأولى منذ 9 سنوات بعدما كان يجلس على كرسي الرئيس بشكل متواصل وقد توسط رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والنائب جان عبيد.
> ظهر عناصر بلباس قوى الأمن الداخلي يرقصون ويغنون بعد إعلان إعادة انتخاب الرئيس بري للمرة السادسة على التوالي رئيسا للمجلس النيابي.
> أحد النواب كبار السن وجد صعوبة في التوجه إلى صندوق الاقتراع خلال الجلسة فتم إحضار الصندوق إليه لوضع ورقته.