مشعل السديري

 لما قدم نصر بن منيع بين يدي المأمون، وكان قد أمر بضرب عنقه، قال: يا أمير المؤمنين، اسمع مني كلمات أقولها قبل أن تضربوا عنقي، قال: تكلم، فأنشأ نصر يقول:
زعموا بأن الصقر صادف مرةً عصفور برٍّ ساقه التقدير

فتكلم العصفور تحت جناحه والصقر منقضٌّ عليه يطير
إنِّي لَمِثلُك لا أتمِّم لقمةً ولئن شُويتُ فإنني لَحَقير
فتهاون الصقر المدل بصيده كرماً وأفلت ذلك العصفور
صفقوا له، فقد عفا عنه المأمون.
***
مشكلة إذا كان «كل من إيدو إلو»، وإليكم هذه الحادثة:
أقدم أهالي بلبيس في الشرقية بمصر على تطبيق «العدالة» بأنفسهم دون انتظار الشرطة، حيث أقدموا على القبض على سيدة وضربوها ضرباً مبرحاً، ثم كتفوها وعلقوها على عمود إنارة موجِّهين إليها تهمة محاولة سرقة طفل من أحد البيوت، وقامت الشرطة بالتحقيق مع السيدة، مشيرة إلى أنها اعترفت بمحاولة التسلل ولكن لسرقة هاتف محمول لا لسرقة طفل.
وثبت صدقها، ولم ينُب تلك المسكينة غير الضرب، وتعليقها في عمود النور.
***
عندما أُنشئت السكك الحديدية لأول مرّة في ألمانيا، اعترض كثيرون من الأطباء على تسييرها، وقالوا: «إن الركوب في قاطرات تسير بسرعة 25 كيلومتراً في الساعة، يسبب انبثاق دم المسافر من فمه وأنفه وأذنه».
الحمد لله أن الدم لم ينبثق من بين هذه المواضع الثلاثة ولا من أي موضع آخر، ولكن ماذا سوف يقولون يا تُرى لو أنهم بُعثوا اليوم، وشاهدوا القطارات في بعض البلاد، وهي تسير بسرعة تتعدى 500 كيلومتر في الساعة، وسائقها جالس مرتاح على كرسيه يغنّي يا ليل يا عين، مطمئناً أن الكومبيوتر يقوم بالمهمة على وجه الدقة، والدلالة على ذلك، أن هيئة السكك الحديدية في اليابان قدمت اعتذارها إلى الجماهير، لأن أحد القطارات قد تقدم انطلاق سيره نصف دقيقة، واعتبروا ذلك فضيحة.
***
أرسلت فرق خدمات الطوارئ في بريطانيا سيارتَي إطفاء على متنهما طاقمان من تسعة إطفائيين وسيارة شرطة، لإنقاذ ثلاثة طيور حمام علقت في سطح بناء، وأوقفوا حركة المرور في الشارع الرئيسي في بلدة سيتيمور، واستطاعوا إخراج الطيور إلى بر السلامة.
هل تصدقون أنني منذ الآن أتمنى أن أتحول إلى ذكر حمام – على شرط أن أكون في حدود الحرم المكي الشريف ولا أتجاوزه، أو على الأقل في بريطانيا - لأنني دون ذلك لا أأمن (التقويص) بالرصاص لو كنت في لبنان، أو الحشو بالفريك لو كنت في مصر.