خالد بن حمد المالك

 ردود الأفعال الأخيرة لقرار الرئيس الأمريكي ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، وقراره المتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ومع الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (بالتزامن بين كل هذه)، كانت فرصة إيران ووكلائها وأتباعها لربط المملكة بإسرائيل بهذا الإجراء الأمريكي الخطير بهدف تشتيت التركيز على إيران وعدوانها على دول المنطقة، والإيحاء بأنها لم تتأثر من الضربة الأمريكية الموجعة إثر انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران.

* *

ولسنا في حاجة إلى تقديم الأدلة الدامغة على أن المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز وإلى اليوم وهي المحارب الأول ضد الاحتلال الإسرائيلي، والداعم الأكبر للفلسطينيين لاستعادة أرضهم، وبناء دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس، لكننا أمام هذه الهجمة الإيرانية، بمشاركة تركيا وقطر، علينا أن نوضح بأن المستفيد الأول من الموقف الإيراني هي إسرائيل وإيران، وبدرجة أقل قطر وتركيا اللتان يوجَد على أرضهما تمثيل إسرائيلي في كل من أنقرة والدوحة.

* *

محاولة التشكيك في الموقف السعودي من القضية الفلسطينية لن ينطلي على العقلاء من العرب والمسلمين، كما أنه لن يغيِّب الواقع الإيراني العدائي، وتآمرها على جيرانها من العرب، ولن يُخفي أطماعها في المنطقة، واحتلالها جزر الإمارات، وتكرار تصريحات مسؤوليها بأن لإيران أربع عواصم، وأن وسائل الإعلام الإيرانية وأتباعها تسمي هذه العواصم تحديدًا (بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء). بحكم تدخلها السافر في هذه الدول.

* *

وكما أن إسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية، وهو خط أحمر بالنسبة للسياسة السعودية، ويتعارض مع الموقف السعودي الداعم للفلسطينيين، فإن إيران - وهي العدو الآخر - تحتل الجزر الإماراتية، وترفض الانسحاب منها، أو قبول التحكيم الدولي بشأنها، وهي الآن تلعب لعبة خطيرة حين تربط بين نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والمملكة؛ لأنها لا تريد استمرار نقل المعركة الإعلامية إلى طهران؛ وتعرية تدخلها عسكريًّا وسياسيًّا وإعلاميًّا في الشؤون الداخلية في كل من سوريا والعراق واليمن ولبنان، وغيرها.

* *

القضية الفلسطينية منذ سبعين عامًا - وكما قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية الأمير خالد بن سلمان - هي القضية المركزية الأولى في سياسة المملكة (الخارجية)، وما زالت وستبقى فلسطين قضية محورية كما يقول سمو السفير، لا تتأثر باعتبارات سياسية، مهما كان حجم الضغوط والمؤثرات، ومهما تزايد عدد المتاجرين بالقضية الفلسطينية ممن يزايدون على موقف المملكة لاعتبارات سياسية ضيقة ورخيصة. مشيرًا سموه إلى آخر ما قدمته المملكة من دعم خلال قمة القدس التي عُقدت بالمملكة، وهو ما لا يمكن أن يقدمه غيرها، ممن يكثرون من الضجيج، وخلق الأكاذيب.

* *

السؤال المهم، والحقيقة الدامغة لإيران، ما طرحه سفير المملكة في أمريكا في إحدى تغريداته، حين قال: كيف لإيران أن تدعي مقاومة الاحتلال في فلسطين ونحن نراها تحتل عواصم عربية، وترتكب بها المجازر، وتسفك دماء أبنائها؟ وهل من عاقل يمكن أن يصدق هذا البهتان الإيراني، وينساق مع أكاذيبها وأهدافها الاستعمارية؟