أحمد الصراف

معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
استميحك عذرا بمخاطبتك يا سيدي بالتسمية التي تحبها، «أبو عبدالله». فبالرغم من أن العلاقة بيننا لم تتعد يوما مصافحة خلال مناسبات اجتماعية، فإنني أشعر بالقرب منك لما سمعته عن طيب خلقك واستقامتك وكرمك… هذا غير عامل السن.

طموحاتك يا أبو عبدالله كبيرة. كما يبدو أن آمالك في تطور هذا الوطن وتقدمه لا حدود لها، استعدادا للمرحلة التي تلي «ما بعد النفط»، وهي آتية لا ريب فيها، ويجب الاستعداد لها، فهذه من أولويات القيادة الحصيفة لأي وطن.
إن ما تسعى لتحقيقه من تغيرات جغرافية واجتماعية وبشرية وإنشائية ليس بالأمر الهين. وما تأمل في جذبه من استثمارات مليارية ضخمة ليس بالهدف السهل، ولكن متى كانت مثل هذه الأمور تقف أمام النفوس الكبيرة؟ كما أن لا شيء هناك يمكن أن يقف عائقا أمامك لتحقيق ما تأمل أو تحلم به.
ولكن.. ما ورد على لسانك في مسجد الصادق من أنك «لن تسمح للظلاميين بالتخفي بيننا، وأنه لا يزال للاسف عدد منهم بيننا»، وما جرى بعد ذلك من أحداث، دفعني لكتابة هذا المقال! فلم يمر يوم أو يومان على تصريحك حتى قام زميل لك في الوزارة بالاستجابة علنا لطلب أحد هؤلاء الظلاميين وإلغاء ندوة لمفكر مصري عالمي تعلق موضوعها بالإنسانية، بحجة أن المحاضر ليس من «جماعتهم»، وهم الذين لم يتركوا أحدا من جماعتهم لم يدعوه ليخرب عقول شبابنا.
وقبلها بيومين قامت نفس قوى التخلف بالطلب من نفس المسؤول معاقبة مذيعة لأنها وصفت زميلها بـ «المزيون».
وسبق ذلك موافقة وزارة الشؤون لجمعية دينية متزمتة، وتمثل فكرا دينيا يؤمن بالعنف على فتح ما تشاء من معاهد ومدارس وكليات وجامعات، ومعروف أن هدفها من ذلك ليس تحقيق ربح مادي مشروع، بل لبث أفكار الإخوان المتطرفة.

قد لا تكون يا سيدي الكريم هذه أفضل الأمثلة عن خطورة ما يجري، ولكن من الواضح أن هناك إشكالات مستمرة وتصرفات عدائية منظمة ضد الدولة المدنية، والأكثر قادم إن اخترنا الصمت، وكلها تبين بما لا يدع مجالا للشك أن قوى الظلام التي حذرت أنت منها معشعشة بين شقوق جدران بيوتنا ومؤسساتنا، وهناك من يشجعها ويغذيها ويدعمها بقوة.
لا شك لدي يا أبو عبدالله أن مشاريعك واحلامك في كويت جديدة ستنجح، ولكنه سيكون نجاحا خاليا من المضمون الحضاري الحقيقي إن لم تجد شعبا حرا منفتحا، وصاحب رأي بانتظار تلك المشاريع. فقوى الظلام تسير تاريخيا عكس تيار الحرية والإنسانية والتعايش والانفتاح. والمستقبل، يا سيدي، لا بل الحياة برمتها لا تساوي شيئا بغير الحرية، ومشاريعك وقوى الظلام لا يمكن أن تسير يدا بيد، فحاول يا أبو عبد الله أن تتخلص منها قبل أن تواصل مسيرتك، فالحضارة والتزمت الديني لا يلتقيان.