سليمان العيدي

على صعيد المواقف الرسمية والدولية لم تقف المملكة موقف المتفرج، بل رأينا هذا الموقف الداعم للقضية في قمة الظهران الأخيرة، والتي وضع شعارا لها قمة القدس

أصدر مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية إحصائية لما تقدمه المملكة في برنامجها الإغاثي تجاه الأشقاء في فلسطين الجريحة، تناقلته وسائل الإعلام الغربية والعربية، وقمت شخصيا بقراءة متأنية لمعاني هذا الإحصاء التي شمل فترة زمنية ما بين عام 2000 إلى 2018، وهو عقدان من سبعة عقود مرت على القضية الفلسطينية أو تزيد عاش معها الشعب السعودي لحظة بلحظة والمتتبع لتاريخ القضية الفلسطينية يلَمْح كيفَ وقف الملك عبدالعزيز مع القضية بكل مشاعر الألم والدفاع الصادق عن قضية شعب مضطهد، كان -رحمه الله- في أول خطاب له بعد توحيد المملكة يعلن أن قضية فلسطين هي قضيتنا الأولى، وسنبذل كل غال ونفيس لاسترداد حقوق الشعب الشقيق المكلوم، وجعلت المملكة تأخذ معها مسار القضية في المحافل العالمية، وأبرزها مظلة الأمم المتحدة ومناشدة حقوق الإنسان في أكثر من مناسبة، بل إن كلمات المملكة في المحافل الدولية يأتي في مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني كأبرز قضية تهتم بها السعودية، وتستمر هذه الاهتمامات حتى عهد خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله- الذي تعيش القضية الفلسطينية في وجدانه كما قال ذلك في قمة الظهران (قمة القدس)، وكذلك ملوك المملكة على مر تاريخ الدولة السعودية الحديثة، لكن ما معنى أن يعلن مركز الملك سلمان هذه الأرقام، وهي تعتبر جزءا يمثل البرنامج الإغاثي فقط، وإلا فالمملكة عندما نعود إلى ملفات الإعانة دون مَنَّ على أهلنا في فلسطين فإنك ستذهل وسيصمت الحاقدون وأبواق الإعلام الذين استأجرتهم الدول الحاقدة كإيران وقطر وإعلام تركيا وبعض الإخونجية في فلسطين والمرتزقة الذين يشككون في مواقف المملكة الداعمة للقضية الأم فلسطين اليوم، عندما نتتبع الدعم المعنوي والمالي على مر السنوات الطويلة في كثير من المحن والضائقة التي يمر بها الشعب الفلسطيني الأعزل رأينا هذا في مواقف كثيرة إبان حريق الأقصى عام 69م وكيف تولّت المملكة في موقف مشرف هذا الأمر بالدعوة لإعلان صندوق الأقصى ولجنة القدس بالرباط، وإنشاء منظمة التعاون الإسلامي ثم دعم القضية بالإشراف على إعمار قبة الصخرة وإقامة المشاريع الإعمارية والإغاثية، وفتح المدارس لأبناء الضفة الغربية والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية في عهد الملك عبدالله ثم المواقف التي أعلنها الملك سلمان على مر تاريخ القضية الفلسطينية عندما رأس وأشرف -وفقه الله- على اللجان الشعبية لمساعدة المجاهدين الفلسطينيين في مناطق المملكة العربية السعودية، ورأينا الهبة السعودية في جمع التبرعات على مدى حملات متتالية كان أولها ما يعرف بريال فلسطين يتبرع بها كل طالب في مدرسته، شعور من الشعب السعودي بمأساة الشعب الفلسطيني وعلى صعيد المواقف الرسمية والدولية لم تقف المملكة موقف المتفرج، بل رأينا هذا الموقف الداعم للقضية في قمة الظهران الأخيرة برئاسة الملك سلمان، والتي وضع شعارا لها قمة القدس تضامنا مع فلسطين عندما أعلن ترمب قراراه الأخير بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وكيف أن المملكة أوضحت عبر بياناتها الواضحة والصريحة رفض القرار، مطالبة ترمب بالتراجع حفاظا على شعور المسلمين في العالم، وتتابعا لهذا رأينا منابر الأمم المتحدة والمؤتمرات والندوات التي تعقد هنا وهناك كلها تصب في مصلحة عودة الشعب الفلسطيني إلى وطنه، وتدعم القرارات الدولية مثل قرار 242 حتى قرار مبادرة السلام العربية التي أعلنت عام 1982 و2003 وإجماع العرب على أنها مبادرة عربية، كل هذا يجعل من الواضح والجلي أن الأرقام التي أعلنها مركز الملك سلمان وهو أكثر من 6 مليارات دولار إنما هي جزء رمزي لما تقوم به المملكة تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وأن هذا التصريح والإعلان عن ذلك جاء بالتأكيد ليخرس الألسنة والناعقين ضد المملكة والمشككين في مواقفها، وستظل المملكة على موقفها الثابت دون مِنّة، بل هو واجب يربط بلاد الحرمين بالأقصى الشريف وأهله على مر تاريخ الحضارة الإسلامية، فشكرا لمركز الملك سلمان، شكرا لكل سعودي، شكرا لكل مخلص صادق يضع الحقيقة نصب عينيه، والله الهادي.