مع عودة الرئيس سعد الحريري المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة إلى لبنان، بعد زيارة خاصة للمملكة العربية السعودية استمرت أياماً، تتوقع مصادر لبنانية بارزة أن يبادر إلى تشغيل محركاته السياسية في اتجاه الأطراف المعنيين بولادة الحكومة العتيدة. وهو ما أكده في كلمة ألقاها غروب أمس في حفلة الإفطار المركزي لتيار «المستقبل»، عندما دعا إلى الإسراع في تشكيلها والتوافق على «المجيء بفريق حكومي قادر على أن يتحمل مسؤولية مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والوطنية»، مؤكداً أن «عصب الحياة في البلد هو الاستقرار وضمانته في قوة الدولة المستمدة من ثقة العالم بها».


ولفت الحريري إلى أن العالم «ينتظر من لبنان إجراءات واضحة ليتمكن من أن يساعدنا، خصوصاً بقرارات إصلاحية جدية وجريئة بوقف الهدر، وأن يكون القانون فوق الجميع وأكبر من الجميع مع أن بعضهم يعتبرها خيارات موجعة وأنا أراها خيارات لا بد منها».

ويتزامن تكثيف الحريري مشاوراته لتشكيل حكومة متجانسة وواعدة للبنانيين، مع بروز بوادر مشكلة سياسية ناجمة عن ردود الفعل الاعتراضية على مرسوم التجنيس، الصادر عن رئيس الجمهورية ميشال عون، والقاضي بمنح الجنسية لحوالى 963 شخصاً، بينهم عدد لا بأس به من التابعيتين السورية والفلسطينية، ما أثار احتجاجاً على منحها لعدد من السوريين الذين هم في نظر المعترضين ينتمون إلى الحلقة المالية والاقتصادية والنفطية المحيطة بالنظام في سورية.

وأدى تصاعد الحملة الاعتراضية إلى طلب رئاسة الجمهورية -كما ورد في البيان الصادر عن مكتب الإعلام فيها- من المعترضين و»من باب الحرص على تبديد كل ما لديهم من هواجس من أي نوع ، سواء كانت حقيقية أم مصطنعة»، التقدم من المديرية العامة للأمن العام بكل ما يملكون من معلومات أكيدة في شأن أي شخص مشمول بالمرسوم ولا يستحق الجنسية اللبنانية للتثبت منها والتقصي عنها.

ويأتي موقف رئاسة الجمهورية في ضوء ما تردد في الأوساط المعترضة على المرسوم من أنه جاء على خلفية لقاء عون بمدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

وفي رد الفعل على بيان رئاسة الجمهورية قالت مصادر نيابية ووزارية لبنانية لـ «الحياة» إن مضمون ما ورد في البيان يوحي بوجود رغبة في تجميد تنفيذ مرسوم التجنيس إلى حين انتهاء اللواء إبراهيم من المهمة الموكلة إليه.

وتوقعت المصادر ذاتها تنقية المرسوم من بعض الشوائب التي تتحدث عنها القوى المعترضة عليه، تمهيداً لإصداره مجدداً في صورة منقحة يمكن أن تخلو من بعض الأسماء الواردة فيه، خصوصاً تلك التي أثير حولها جدل سياسي على خلفية ارتباطها بالنظام السوري، علماً أن أحداً من المعترضين لا يدخل في سجال حول الصلاحية الممنوحة دستورياً لرئيس الجمهورية في إصدار مثل هذا المرسوم.

وتراهن المصادر ذاتها على أن هناك ضرورة لتنقية المرسوم من بعض الشوائب التي هي في صلب ما طرحته القوى المعترضة، وترى أن إصداره بنسخة منقحة سيقطع الطريق على إقحام المشاورات حول تشكيل الحكومة الجديدة بمشكلة سياسية هي في غنى عنها.