حسن قايد الصبيحي 

السعودية والإمارات تعيشان عصر التكامل الذي يصل حد الاندماج. فقد كرّس المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه سياسة التفاهم والتنسيق مع المملكة العربية السعودية عبر السنين، كما حرص على مبدأ التكامل مع أشقائه الملوك عبر عهود ثلاثة مرت بها المملكة: عهد الملك فيصل ثم عهد الملك خالد فالملك فهد، مروراً بالملك عبد الله وصولاً فيما بعد إلى الملك سلمان، ولَم يحدث أي توتر أو خلاف يستحق الذكر، وجاء الوقت الذي وضع كل بلد يده في يد شقيقه.

واتفق الطرفان على قبول التحدي وذهبا معاً إلى ساحة الحرب ضد التغلغل الإيراني في اليمن واصطف الضابط والجندي السعودي جنباً إلى جنب مع الضابط والجندي الإماراتي في معركة الشرف والدفاع عن كرامة العرب، وإحباط مؤامرة بيع وطن العرب الأول اليمن أرض الحضارات التي قال عنها سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان: إذا كانت اليمن هي أصل العرب فلابد أن يدافع عنها كل العرب.

العلاقة السعودية الإماراتية أضحت الآن مثار فخر لمواطني الدولتين ومصدر إلهام للكثير من العرب المخلصين، ونستطيع أن ندلل على هذه الحقيقة عبر مراجعة لمضمون المشاركات بالرسائل الرقمية التي يطلقها الكثير من نشطاء التواصل الاجتماعي من مواطنين وعرب. ويعلق الكثيرون على هذه العلاقة المميزة آمالاً كبيرة في تطوير صيغ متقدمة من التحالف والتنسيق مع شقيقة كبرى ذات ثقل استثنائي هي مصر. ويرون أن تحالفاً عربياً قوياً يتشكل الآن بين أربع دول رئيسية: الإمارات والسعودية ومصر والبحرين بما يمثلونه من ثقل، بل قل من أمل وقدرة على الصمود ومقابلة التحدي الذي تفرضه طبيعة المواجهات مع قطر وإيران وتبني مشروع عربي قادر على الفعل والجاهزية والتمويل السخي ووفرة الإمكانيات بمقدوره الدفاع عن الأمن القومي العربي بكل تجلياته وإمكانياته البشرية والاقتصادية والمقدرة على ردع أي عدوان، أسوة بتجليات «عاصفة الحزم وإعادة الأمل»، التي وجد سبيله في ردع العدو الإيراني في الساحة اليمنية. وأكثر من ذلك أن دولاً عربية رئيسية كالأردن والمغرب والسودان تتحين الفرصة للانضمام إلى الحلف الجديد، والسودان تشارك بوحدات من جيشها في المعارك الآن. وكما نرى فإن الحجم الجغرافي لهذه البلاد يشكل أكثر من ثلثي الأرض العربية، وأن الحجم السكاني للكتلة يربو على السبعين في المئة، وأن جاهزية الجيوش فيها تفوق التصور.

إننا حين نتحدث عن العلاقة الإماراتية- السعودية تغمرنا السعادة ويحدونا الأمل في إبراز مثل هذه الصلات القوية الراسخة التي تتنوع بين الجغرافيا والأصول العرقية والطموحات المشروعة في تأسيس مجتمعات حضارية تستثمر الطاقات الاقتصادية والموارد الطبيعية والقدرات الاقتصادية والعلمية. وتشترك الدولتان في خاصية التخطيط الجدي لبرامج طموحة لرفع مستوى المعيشة وتطوير الخدمات لصالح المواطن والإنفاق السخي على قطاع الخدمات كالتعليم والصحة وتطوير البنية التحتية، ويكفي المشروع الطموح لربط أرجاء المملكة مترامية الأطراف بشبكة السكك الحديدية، ويكفي الإمارات أنها بالإضافة إلى التميز الحضاري القائم على أرضها، تعمل الآن في مشروع الوصول إلى كوكب المريخ في السنوات الثلاث القادمة.

ونستطيع أن نهتدي إلى خاصية الترشيد في البلدين الموجهة للحفاظ على مصادر الثروة والإنفاق العام، ولدى البلدين أجهزة رقابية تعمل ضمن برامج لا تترك المجال مفتوحاً للفساد، وتبديد الثروة في مجالات إنفاق مفتوح وملتبس كما يحدث في دول تبدد ثروات شعوبها في الإنفاق على التآمر وتمويل الإرهاب والبحث عن أمجاد زائفة لا عائد منها سوى الخسارة والسمعة السيئة وحدوث النكبات.

والعلاقة السعودية- الإماراتية تشكل لبعض الدول مصدر قلق كبيراً، وتُحاك ضد هذه العلاقة الكثير من المؤامرات. وهناك دولتان تتصدران الفريق المعادي لهذه الظاهرة العربية النبيلة. وللأسف الشديد، فإن قطر الدولة الخليجية الشقيقة تضع نفسها في مقدمة الدول المعادية للبلدين معتبرة أن أي تكامل خليجي يَصْب في خانة العداء للدوحة، وأن صيغ التقارب والتنسيق بين مكونات الأسرة الخليجية والإمارات والسعودية وتقف بجانب قطر دولة الملالي في إقلاق الاستقرار والأمن في عديد من الدول المجاورة وهي في الغالب دول عربية. وإيران التي تسخر أموال الشعب الإيراني لتمويل الإرهاب وخلق مناطق للتوتر دون رادع من ضمير. وهناك بعض المنظمات التي تحذو حذو إيران كما هو الحال في منظمات على شاكلة «القاعدة» و«داعش» و«حماس» و«الجهاد»، والثابت أنها تشترك في كونها منظمات إرهابية مصنفة عربياً ودولياً بالمنظمات الإرهابية.

إذا تشترك قطر وإيران والمنظمات الإرهابية في إضمار العداء للسعودية والإمارات، وتحاول قطر على وجه الخصوص شق الصف وزرع الفتنة بين البلدين، ولكن هيهات. والخطى الواثقة في طريق التنسيق بين قيادات البلدين مثار أمل لمستقبل واعد، حيث تتكامل فيه النهضة الإماراتية مع الدور السعودي التاريخي في المنطقة لإجهاض التآمر القطري وإفشال المخطط الإيراني، وتكوين كتلة عربية كبرى قادرة على حماية المكتسبات العربية.