تتوالى انتكاسات قطر مع حلول الذكرى الأولى للمقاطعة العربية، لكن هذه المرة في واشنطن، التي ينظر إليها المسؤولون القطريون باعتبارها «حبل النجاة»، وهو ما يقوض كثيراً محاولاتها للخروج من المأزق. وذكرت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، أن شخصيات بارزة تعتمد عليها قطر في تحسين صورتها في الولايات المتحدة بعد اتهامها بدعم الإرهاب من قبل دول الرباعي العربي؛ السعودية والإمارات والبحرين ومصر، أعلنت قطع علاقتها بالدوحة واتهمتها بالكذب. 

وأوضحت المجلة أن رجل الأعمال السوري المولود في قطر جوي اللحام، والذي وصفته بأنه قام بدور كبير في إكساب الدوحة نفوذاً في الولايات المتحدة، خاصة مع رموز المجتمع اليهودي الداعمين ل«إسرائيل»، أعلن قطعه علاقته بها؛ بل واتهمها بأنها تهدد السلام في الشرق الأوسط. وقال رجل الأعمال، إن قطر تصور نفسها كداعية للسلام في المنطقة، وهي أبعد ما تكون عن الحقيقة.

وكشف اللحام عن أن الدبلوماسي القطري أحمد الرميحي المتهم من قبل شركاء له بأنه يضخ أموالاً قطرية في دوري كرة سلة الأمريكية، من أجل زيادة نفوذ بلاده في الولايات المتحدة، وذلك عبر صديق لستيف بانون، أحد كبار المستشارين السابقين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، طلب منه أن يكذب على الصحافة الأمريكية وأن يتهم بانون بأنه حرض خصومه ضده في المحاكم.


وأضافت المجلة أن قرار اللحام بقطع علاقته بالدوحة، يتزامن مع القرار ذاته الذي اتخذه نيك موزين، المستشار السابق للسناتور تيد كروز، الذي كان أعلن عن نيته الترشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الماضية.

وأوضحت المجلة الأمريكية أن جهود الاثنين قد بدأت تؤتي ثمارها، حيث خففت إدارة الأمريكية من موقفها تجاه الدوحة مؤخراً، إلا أن قرارهما بقطع علاقتهما بالدوحة، يعد بمثابة نكسة للجهود التي تبذلها قطر لحل تحسين مكانتها في أمريكا، بعد أزمتها مع دول الرباعي العربي.

وفي سياق متصل، هاجم مورت كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية النظام القطري. وقال: «فقدت الثقة بأنهم جادون في التغيير»، وأوضح كلاين، في تصريحات لمجلة بوليتيكو، أن الدوحة لا زالت متمسكة بعلاقتها بالمتطرفين، وقال إن يوسف القرضاوي، الذي منعته الولايات المتحدة الأمريكية من دخول أراضيها، بسبب تأييده للأفكار المتطرفة و«الإخوان»، تمت دعوته إلى مأدبة أمير قطر تميم بن حمد، الأسبوع الماضي.

ويأتي تغيير اللحام لأجندته تجاه قطر في نفس الوقت الذي يقوم فيه مستشار آخر يعمل لحساب قطر، وهو نيك موزين، بالتوقف عن دعم قطر.

وكانت قطر تعوّل كثيراً على جهود اللحام وموزين لإقناع الإدارة الأمريكية بتخفيف موقفها تجاهها في الأشهر الأخيرة. لكن فقدان خدماتهما ودعمهما، هو نكسة للجهود التي تبذلها قطر لحل أزمتها الدبلوماسية مع السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وكذلك لتعزيز مكانتها في الولايات المتحدة. 

وكان النفوذ في واشنطن أولوية أولى في استراتيجية الدوحة لإغراق سفينة الوساطة الكويتية لحل الأزمة. ويقول محللون، إن القطريين لم يروا يوماً في الكويت طرفاً لديه ثقل مناسب للتوسط في هذه الأزمة.

وقال اللحام إنه أقام اجتماعات للمسؤولين القطريين، وقام «بتوزيع عدة تبرعات خيرية كعرض مبدئي للنوايا الحسنة». وأضاف اللحام أنه لم يحاول الضغط على أي مسؤول أمريكي، أو يقوم بأي عمل في مجال العلاقات العامة بالتعاون مع أشخاص يتولون مناصب رسمية.

وشملت جهود اللحام، اليهودي الأصل، التواصل مع أبرز المحامين الأمريكيين في «إسرائيل»، بما في ذلك آلان ديرشوفيتز، وهو مستشار غير رسمي لترامب، ومورت كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية، وهو حليف قديم لمستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون. وسافر كل من ديرشوفيتز وكلاين إلى قطر في يناير الماضي، لمناقشة تحسين العلاقات مع الجالية اليهودية. ويقول محللون إن استراتيجية وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو المتشددة تجاه إيران، لعبت دوراً حاسماً في قفز المتعاونين الأمريكيين من القارب القطري، لكن يبدو أن القطريين أنفسهم باتوا في حيرة من أمرهم. وقال دبلوماسي عربي سابق عمل في واشنطن قبيل اندلاع أزمة قطر، إن «القطريين لا يعرفون بالضبط ماذا يتعين عليهم فعله في المرحلة المقبلة».

وفي ضربة أخرى للجهود الدبلوماسية التي تقوم بها قطر، تراجع كلاين الأربعاء، عن رأيه بدعم قطر، مكرراً إدانته لها. وقال كلاين لمجلة بوليتيكو الأمريكية: «لقد فقدت الثقة بأنهم جادون في التغيير».

وفي ظل قطع العلاقات مع قطر، استشهد كلاين بدعوة الزعيم الروحي لتنظيم «الإخوان» المسلمين شيخ الفتنة يوسف القرضاوي الذي تم منعه من دخول الولايات المتحدة إلى مأدبة استضافه إليها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأسبوع الماضي في العاصمة الدوحة.

وفي سياق التخلي عن قطر، ذكر اللحام أيضاً أن الدبلوماسي القطري أحمد الرميحي طلب منه أن «يكذب على الصحافة ويزعم أن ستيف بانون أقام الدعوى بشكل كيدي، في حين أنه كان يعمل في الواقع على التوسط في الدعوى خارج المحكمة». 
ووصف المتحدث باسم الرميحي، إيفان سيغفريد، هذه المزاعم بأنها: «كاذبة تماما».