عبدالله العوضي

لا بد أولاً من وضع الدولتين الشقيقتين الحليفتين في ميزان التاريخ الآن، حيث تغيرت صورة العالم العربي بعد «الربيع» المشؤوم، وجرت مياه آسنة أغرقت تحتها الكثير من المكتسبات التي تحققت طوال العقود الماضية، من أجل أجندات مشبوهة وبعضها بروائح إسلامية، وهنا شدة الخطورة وعصب المشكلة التي يراد الترويج، بل والتأصيل لها في الواقع باستغلال حالة الفوضى التي لم تخلق غير الدمار باسم شعارات لم تغن ولم تسمن من جوع العالم العربي إلى مشاريع تنموية حقيقية تنتشله من رهان الأدلجة والأسلمة.

من هنا ننظر إلى جوهر التحالف بين الإمارات والسعودية، وهو الاشتراك والاتفاق على أن لهما دوراً في صناعة مرحلة جديدة لتاريخ العرب غير المعهود.

بداية من المواجهة الصريحة لتيارات الإسلام السياسي التي تسعى بأنياب الإرهاب إلى قطع أوصال اللحمة العربية والخليجية بالضربة القاضية، ولكن يقظة هاتين الدولتين ومعهما مصر العروبة والإسلام، رأس حربة العرب قاطبة، وعوا لحقيقة ما يُحاك ضدهم في الخفاء، ولكن ساعة الصفر بدأت من هنا وانطلقت بها إلى اليمن أرض العروبة الأصيلة لإخراج إيران الدخيلة منها.
إذا كان تحالف الإمارات والسعودية ضارباً جذوره في أعماق التاريخ، فإن نتائجها اليوم واضحة لكل بصير لم تُصب عيناه بالعمى أوالعمش، فتحرير الكويت وتحرير اليمن ومقاطعة قطر لاحقاً، كل ذلك أدلة صارخة في وجه داعمي الإرهاب والتطرف، بأن مجموعة من التحالفات تقف لهم بالمرصاد.

صحيح أن التحالف الثنائي بين الإمارات والسعودية له أكثر من محور، اقتصادي، ثقافي، اجتماعي..

إلخ، إلا أن المحور الأهم الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة ومنعها من الوقوع في براثن شرذمة من أصحاب الأجندات التي تطبخ خارج دائرة الأوطان الآمنة ولا ترضى بها حاضنة.

أما المشترك الاقتصادي بين الشقيقين، فيتمثل في النظر إلى المستقبل باشراقة الأمل وتحمل تبعات المرحلة وثقل الأعباء المترتبة على هذا التحالف الذي لم يقف عند هذا الحد، حتى تحالفت الدماء وتخالطت في ساحة الوغى.

وقوة هذا التحالف تظهر من خلال تربص المتربصين به، الذين يرجفون خوفاً من تقارب الشقيقين اللذين أدركا مبكراً حقيقة تآمر المتآمرين على أي نقطة التقاء بينهما فيها خير الأمة ومصلحتها وحفاظ على مصالحها.

نحن نعيش في زمن التحالفات والخارج منها خاسر.

التحالف بين الإمارات والسعودية قوة نوعية لمصلحة مسيرة التعاون الخليجي والتي تريد بعض دول الجوار الإقليمي وعلى رأسها إيران، وكل من يرضخ تحت مظلتها الطائفية، الإساءة إليه، ولكن مشروع توسعة هذا الكيان الصلب لهم شوكة في حلوقهم.

المهم أن هذا التحالف الثنائي ماض نحو تحقيق أهدافه السامية، رغم سيل التحديات التي يجب مواجهتها بتحد أقوى منها وأجدى نفعاً لمسيرة الدولتين إلى ذرى النجوم.