هاني الظاهري

أمس الأول احتفلت أفئدة السعوديين بالذكرى الأولى لبيعة عراب رؤيتهم وصانع مستقبلهم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي غيّر خلال 365 يوماً وجه مستقبل السعودية تماما بإعادة ترتيب وإصلاح حاضرها أمام أعين الجميع ووسط دهشة المجتمع الدولي الذي لايكاد يصدق ما يحدث وهو يراقب ورشة العمل السعودية الضخمة لحظة بلحظة.

سنة واحدة فقط أعادت ترتيب فوضى 40 سنة، وقطعت رأس أفعى التطرف التي انطلقت من جحرها عام 1979م لتعيث في المجتمع السعودي المتسامح فسادا وتشويها، معطلة قدراته وتنميته ومكبلة اقتصاده بشكل وصل معه اليأس من الإصلاح الاقتصادي إلى ذروته، ثم في لحظة مفصلية من التاريخ السعودي استدارت رؤوس وقلوب السعوديين تجاه صوت صادق وكلمات خالدة دشنت مرحلة جديدة من الإنجاز والتحول نحو غد مختلف.. صوت يقول: «أنا شاب، و70% من مواطنينا هم من الشباب. نحن لا نريد أن نضيع حياتنا في هذه الدوامة التي كنا فيها طوال 30 سنة الماضية بسبب الثورة الخمينية، والتي سببت التطرف والإرهاب، نحن نريد أن ننهي هذه الحقبة الآن، نحن نريد - كما يريد الشعب السعودي - الاستمتاع بالأيام القادمة، والتركيز على تطوير مجتمعنا وتطوير أنفسنا كأفراد وأسر، وفي نفس الوقت الحفاظ على ديننا وتقاليدنا، نحن لن نستمر في العيش في حقبة ما بعد عام 1979.. لقد ولى زمان تلك الحقبة».

ماذا حدث في السعودية خلال الـ365 يوما الماضية؟ سؤال قصير وبسيط من بضع كلمات لكن إجابته ضخمة جدا ولاتكاد تستوعبها العقلية التقليدية للدرجة التي يبدو معها أن الأسهل فعلياً أن نسأل ما الذي لم يحدث في السعودية خلال 365 يوماً مضت؟

مشاريع نهضوية جبارة تنطلق كل يوم وفي كل مكان على وجه الخارطة السعودية، قرارات تاريخية مصيرية متتالية لم يكن يخطر ببال أكثر الحالمين تفاؤلاً أن تصدر بهذه السرعة والبساطة وتمر دون أي مشاكل أو تبعات، تاريخ يتغير بلمح البصر ومستقبل تراه الأعين شامخاً أمامها قبل أن تصل إليه، كل شيء يتم بسرعة شديدة وبحسابات دقيقة لامجال معها للخطأ.

في شهر نوفمبر من العام الماضي سأل الكاتب الأمريكي المعروف توماس فريدمان الأمير محمد بن سلمان بدهشة عن السبب الذي يجعله يعمل دوماً وكأن «الوقت يداهمه». أجاب الأمير بكل وضوح: «لأنني أخشى أنه في يوم وفاتي سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني. إن الحياة قصيرة جداً، وقد تحدث الكثير من الأمور، كما أنني حريص جداً على مشاهدته بأم عيني، ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري».

وبعد ذلك بأشهر قليلة سألت مقدمة البرنامج الشهير 60 دقيقة على قناة CBS الأمريكية الأمير محمد «هل هناك أي شيء يستطيع إيقافك؟» فأجاب: «الموت فقط»، والحق أن صناع التاريخ العظماء في جميع الحضارات لا يموتون ولا تُمحى آثارهم عبر القرون وإنما تخلد أسماؤهم وتتحول إلى بقع من ضوء عصية على الانطفاء، ومحمد بن سلمان أحد هؤلاء العظماء.