دريان في تلميح الى موقف باسيل من النازحين: هل لكل طائفة دويلتها وسياسة تفرضها على الغير؟

 

حفلت خطب العيد بالمواقف السياسية عن الداخل اللبناني والمنطقة. وكان أبرزها استغراب مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في إنتقاد غير مباشر لمواقف وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، من دون ان يسميه.


وسأل دريان في خطبة العيد في مسجد محمد الأمين في قلب بيروت، «كيف تكون هناك إدارات سياسية متعددة في هذا البلد الصغير؟ كيف يقرر فرد أو طرف في مسألة خطيرة كمسألة عودة اللاجئين السوريين، كأنما ما عادت هناك حكومة عندها سياسة واحدة بالداخل وتجاه الخارج؟ بل صارت لكل طائفة إدارتها السياسية، ولها دويلتها وجيشها وسياستها التي تستطيع فرضها على الآخرين ساعة تشاء».

وكان الرئيس السابق للحكومة تمام سلام اصطحب المفتي قباني من منزله إلى المسجد ممثلاً الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الموجود في المملكة العربية السعودية.

وأمّ قباني المصلين وبينهم عدد من الشخصيات الديبلوماسية والسياسية والأمنية والاجتماعية والنقابية.

وتحدث دريان عما فعله الفلسطينيون دفاعاً من المسجد الأقصى، وقال: «ليسوا وحدهم هم الذين يتعرضون لجرائم وممارسات التهجير والاستيطان. فقد أعلنت الأمم المتحدة أنه وفي الشهور الأولى لهذا العام فقط تعرض 920 ألفاً من الإخوة السوريين للتهجير. أرغموا بالقصف وبالحصار لسنوات على ترك ديارهم التي عاشوا فيها لمئات من السنين، وهم مهددون بعدم العودة، ومهددون بأن يتابعهم القصف والقتل هم وملايين أخرى في المواطن التي تهجروا إليها. ثم يأتي أناس منا ليضيقوا ذرعاً بالذين اضطروا للنزوح إلى لبنان وهم يريدون الإيهام بأن الذي هجّرهم من قبل، وهجّر إخوانهم الآن، يريد إعادتهم الآن، وأن الحائل دون ذلك، هم الدوليون يساعدون هؤلاء الممتحنين بالحد الأدنى ترقباً لفرص الخلاص من هذا الواقع المأسوي».

وأضاف: «منذ مدة، تتفاقم سياسات التفرقة والتمييز حتى في المسألة الواحدة. يراد طرد هؤلاء المستضعفين في اتجاه المصير الذي هربوا منه. وفي الوقت نفسه، يجري تجنيس المئات من هنا وهناك، ليكون هناك صـــيف وشـــتاء على سطح واحد! من قال إن أرض هؤلاء وبلادهم ليســـت عزيزة عليهم، مثل عزة أرضنا عليــنا؟ فلتتوقف عـــشوائيات الكراهية هذه، لنظل نشعر بأننا جميعاً بـــشر وعرب ولبنانيون، وأبناء دولة واحدة، ونظام واحد. وأن هناك حكومة مسؤولة، تستطيع اتخاذ القرار المناسب للمصالح الوطنية، مهما كانت التمايزات».

وأشار إلى أن «الأزمة الاقتصادية كبرى والأزمة السياسية»، وقال: «ذهبت حكومة الرئيس الحريري في اتجاه العرب والمؤتمرات الدولية، من أجل المساعدة والتعاون، وطلب الدعم للمعالجة والخروج من عنق الزجاجة. لكن كيف سيساعدنا الآخرون إن لم نستطع أن نكون على قلب رجل واحد في مكافحة الفساد والهدر؟ وفي إنفاذ الخطط والمشاريع التي جرى الاتفاق عليها؟ وبدلاً من التجنيس واتهام الدوليين، يكون على أصحاب المطالب والحصص التنازل عن أنانيتهم، والتعاون مع رئيس الحكومة المكلف، من أجل إنجاز التركيبة الوزارية، والانطلاق للعمل الجاد، ونخشى أن تكون هناك عقبات وعراقيل لتأخير تشكيل الحكومة التي يعقد عليها الآمال».

ورأى أن «هذا الأمر يتطلب من جميع القوى السياسية، المساعدة في تذليل العوائق أمام ولادة الحكومة في أسرع وقت ممكن، لأن التأخير لا يصب في مصلحة أحد، والمتضرر هو الوطن والمواطن. هناك صراعات هائلة في المنطقة من حولنا، ولا يفيدنا في شيء زيادة الخصوم والأعداء في كل يوم، سواء كانوا عرباً أو دوليين، والدخول في سياسات المحاور التي تضر ولا تنفع. إن المطلوب الوقوف مع الرئيس لحريري سواء في تشكيل الحكومة، أو في سياساته، لجلب الدعم للبنان. نحن في غمرة الامتحان، هل ننجح وينجح بلدنا، ويستعيد أبناؤه التنفس والخروج من الاختناق؟ أو تصبح صراعات الهويات الصغيرة، وصراعات المحاور والتحزّبات، هي المقصلة التي تمتحن عندها الرؤوس والأجساد؟».

ودعا المسلمين إلى «أن تثبتوا نجاحكم ونزاهتكم وشجاعتكم في عدم الوقوع في ما وقع فيه كثير من الشركاء في الوطن. ليس من المصلحة ولا من الوطنية ولا من الإسلام في شيء، الدخول في تذمرات وتطلبات الحصص والمغانم، مهما بدا ذلك مغرياً ومبرراً بأن الآخرين يقومون بذلك». وشدد على ضرورة «التمسك بالطائف والدستور والعيش المشترك، ودعوة الآخرين إلى الشيء نفسه». وقال: «إن العقد الاجتماعي والدستوري، إنما ينعقد مرة واحدة لا عودة عنها، لا بالاستبدال، ولا بخلق أعراف نقيضة بالممارسة. ولن يفوتكم شيء حتى لو تفوّق الآخرون في التناوش والقسمة التي لا تنتهي. فعبر تاريخ لبنان الحديث، سعى كثيرون - طوائف وأفراداً وأحزاباً للغلبة - فتكسرت أنيابهم ورماحهم على صخرة هذا الوطن الصلبة. إن عيشنا المشترك هو هذه الصخرة التي لا يمكن تحطيمها مهما تحكمت الغرائز، وتصاعدت الإيهامات والأوهام».

وتوجه دريان وسفراء الدول العربية إلى ضريح الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري حيث قرأ الفاتحة.

الشعار

وفي طرابلس، أمّ مفتي المدينة والشمال الشيخ مالك الشعار المصلين في الجامع المنصوري الكبير في حضور الرئيس نجيب ميقاتي، وشخصيات سياسية واجتماعية. ودعا في خطبة العيد إلى «التضامن مع فلسطين الحبيبة والقدس الشريف والمسجد الأقصى وقبة الصخرة وأرض الإسراء والمعراج، ومع أهلنا في غزة والأرض المحتلة من العدو الصهيوني، ومع شعب العروبة في سورية وشعب العروبة في العراق، والتضامن ضد الإرهاب والحروب المذهبية، بل وضد التقسيم الذي يهدد عالمنا العربي والإسلامي».

ورأى أن كل ما يحدث حولنا في عالمنا العربي الغاية منه كسر شوكة العرب وأن تضيع هيبتهم وتفتّت قوّتهم وتقسّم دولهم، بالإضافة إلى ما يصيبنا من ابتزاز لثرواتنا وخيراتنا وإشغالنا ببعضنا بعضاً»، داعياً «المسؤولين إلى التعاون والاجتماع على كلمة سواء فالعدو لا يرحم والعدو بالمرصاد والعالم كله في خدمة إسرائيل والصهيونية العالمية».

ورأى «أن لبنان ينتقل من أزمة إلى أزمة فليس بمأمن عما يحدث في بلاد الجوار». وقال: «التزموا النأي بالنفس، واتحدوا حول قياداتكم وكونوا إلى جانب وطنكم، وساهموا وساعدوا في تشكيل حكومتكم. الوضع جد خطير ويحتاج إلى تعاون الجميع، والولاء ينبغي أن يكون للوطن أولاً وللمصلحة العامة وأن يتقدم الوطن على الأحزاب والمذاهب والأفكار الداخلية أو الخارجية».

وطالب بالترفع «عن الخطاب العنصري أو الطائفي أو المذهبي، الأمواج عاتية والرياح معاكسة من شأنها أن تدمر وتزلزل. ولن تقوم قائمة للوطن إلا بالعدل والتوازن والقيم».

قبلان

وانتقد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبته في مسجد الإمام الحسين في ضاحية بيروت الجنوبية، «الحاكم الذي يشبع وتجوع رعيته فهو خائن». وقال: «السلطة مسؤولة عن تأمين مصالح الناس أهل الحاجة والفاقة والضعف والمسكنة، وليس أهل النفوذ والمال وشركاء الصفقات، ولا يجوز أن تتحول «سوليدير» إلى جنة خدمات، فيما عكار والبقاع والضاحية تعيش الفقر والحرمان، كما لا يجوز أن تتحول بعض المدن إلى مربعات مال وامتيازات، فيما الأرياف تخلو من المؤسسات العامة، على قاعدة ابن الست وابن الجارية».

وطالب بـ «التوصل السريع إلى تشكيل الحكومة، وعدم وضع العراقيل بعناوين الحصص أو ما يسمى وزارات سيادية وخدماتية، لأن الأمر دقيق وحساس جداً، وهامش المناورة والمزايدة أصبح ضيقاً».

وعن مسألة النزوح السوري «الذي تحول إلى مصدر مقلق وخطير جداً»، دعا إلى «الإسراع في اتخاذ المواقف الجريئة والإجراءات العملية، وفق خطة مبرمجة وممنهجة ومنسقة مع الحكومة السورية، قاطعين الطريق أمام ما يسمى مفوضية الأمم المتحدة وخططها التوطينية المشبوهة، إذ يكفي اللبنانيين ما دفعوه من فواتير سياسية وديموغرافية وسياحية، وباتوا يرفضون بشدة التلاعب بمصيرهم ومصادرة قرارهم مقابل جوائز شخصية، وتأمين مصالح إقليمية على حساب سيادة لبنان وخياره المقاوم».

شيخ العقل

وأمّ شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن صلاة العيد في مقام الأمير السيد عبدالله التنوخي في عبيه. ودعا في خطبته «المسؤولين المعنيين إلى أن يبادروا إلى الاستثمار في عامل الوقت وتأليف الحكومة الجديدة، فاللبنانيون الذين حدّدوا خياراتهم في الاستحقاق الانتخابي، يتطلعون اليوم إلى حكومة متجانسة، تمثل تلك الخيارات وتعبر عن تطلعاتهم في النهوض بالبلاد مما تعانيه من أزمات في قطاعات شتى».

ودعا «إلى التقاط الفاعليات الإيجابية التي ترتبت نتيجة الاستحقاقات الوطنية»، محذراً «من أي قرارات تغرق الأداء السياسي بانعكاسات سلبية». وأمل بـ «أن تستعيد الشعوب العربية والإسلامية، التي تتعرض في أكثر من مكان إلى حصار وتضييق وعنف وتهجير وقتل، استقرارها وعافيتها وتكتسب حرياتها وحقوقها، وتحديداً في فلسطين المحتلة».