محمد فايع

قدر السعودية ولله الحمد، في أن تبقى إلى جانب إخوتها العرب في مواقف صادقة، مواقف لا تعرف الميل ولا التبّدل، ولا تخضع للأمزجة والأهواء، مواقف نابعة من صدق في العروبة

هي ليست الأردن وحدها التي تعيش في قلب الملك الإنسان سلمان بن عبدالعزيز أطال الله عمره، بل كل الدول العربية والإسلامية تعيش في وجدانه وقلبه، فقد تعودت كل الدول العربية وشعوبها، أن ترى في مواقف ملوك السعودية اليد الحانية، والقلب العطوف، وها هو سيدي الملك سلمان يثبّت هذا المنهج اليوم، كما هي مواقف السعودية بالأمس، بوقفة بلادنا المملكة العربية السعودية إلى جانب أشقائها العرب، أقربها، وقفة بلادنا إلى جانب الأردن في أزمته الحالية، وكل وقفات السعودية إلى جانب أشقائها، تنطلق من رغبتها في المساهمة في حماية أمنهم، ودعمهم اقتصاداتهم، وهو في النهاية دعم لجهود الأمن والاقتصاد بشكل عام في منطقتنا العربية، والمسلسل طويل، والتاريخ يشهد بدور المملكة مع الأشقاء العرب والمسلمين.
وعلى رأس تلك المواقف والوقفات، لن ينسى أحد مواقف بلادنا إلى جانب إخوتنا في فلسطين منذ احتلال أرضهم من قبل العدو الإسرائيلي إلى اليوم، وستبقى السعودية وفية لهذه القضية حتى تستعاد حقوق الفلسطينيين، ووقفت إلى جانب الأردن في أزمات تكررت في السابق على هذا البلد، كمبادرتها اليوم لدعمه في محنته، ووقفت إلى جانب اليمن على مدى تاريخه، كونه بلدا جارا عربيا، كما هي اليوم تقدم الأمل إلى جانب الحزم في حماية هذا البلد العربي، الذي أرادت عصابة الحوثيين اختطافه وبيعه للعصابة الخمينية في طهران، ووقفت المملكة إلى جانب أشقائها في الكويت أيام الغزو العراقي، فكانت السعودية مع أهل الكويت حكومة وشعبا في خندق واحد، حتى استعيدت لأهلها، وكلنا يعلم قدر التضحيات الجسيمة التي قدمتها المملكة في هذا الأمر، ولا يمكن أن ينسى أهل البحرين وقفة المملكة الشجاعة، عندما كادت المخاطر أن تعصف بأمنها، فعبرت قوات السعودية مع قوات درع الجزيرة عبر جسر الملك فهد لنجدة إخوتهم البحرينيين، لتوقف ما لم يكن في الحسبان من دسائس ومؤامرات، تقف خلفها عصابات طهران، والتاريخ يشهد بوقفات المملكة إلى جانب جهاد إخوانها في الجزائر أيام مقاومتها للمستعمر الفرنسي، ووقفتها إلى جانب دعم القوات المصرية والسورية أثناء حروب التحرير لأراضيهم مع العدو الإسرائيلي، وذلكم القرار الشجاع بوقف ضخ النفط للدول الكبرى، كأقوى قرار عربي للرد على دعم الدول الكبرى لإسرائيل، ووقفتها مع أهل العراق في محنه الكثيرة لإخراجه من نفق الحروب المظلمة، فكانت من أوائل الدول الداعمة لاستقراره ولاقتصاده، ثم فوق هذا، أنها عملت وما زالت على احتضان أشقائها من أبناء سورية واليمن الذين فرقتهم الحروب وشردّتهم عن بلادهم، فعملت على استقبالهم، وفتحت لهم أبواب العمل، وسمحت لهم بإلحاق أبنائهم بالمدارس، هذه السعودية بتاريخها الطويل الذهبي الناصع وهي تقف مع كل الدول العربية عندما تجد أنها تواجه المحن والشدائد، وكل تلك المواقف، من أجل أن ترى أشقاءها في الدول العربية، ينعمون بالاستقرار. 
ليس هذا فحسب فكل ما ذكرته على عجل حول وقفاتها «الشهمة» لأشقائها العرب، فبلادنا على المستوى الدولي تعد من كبريات الدول التي تقدم المساعدات الإنسانية لكل الدول المحتاجة إليها، سواء أثناء الحروب أو الكوارث حول العالم دون استثناء.
هذا قدر السعودية ولله الحمد والمنة، في أن تبقى إلى جانب إخوتها العرب في مواقف صادقة، مواقف لا تعرف الميل ولا التبّدل، ولا تخضع للأمزجة والأهواء، مواقف نابعة من صدق في العروبة، والإخّوة الإسلامية التي تمليها القيم النبيلة التي تعلمها أبناؤها في مدرسة الإسلام الصافي في مدرسة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وقوله عليه الصلاة والسلام: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، فمنها وعليها تربى ولاة أمرنا منذ المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، حتى عهد سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان، وهو منهج سعودي ثابت لم ولن يتغير أو يتحول وسيبقى.

ولأنه منهج ثابت، فقد جاءت المبادرة السعودية من مكة المكرمة، وفي الليالي الرمضانية الكريمة، جاءت بمشاركة «الإمارات والكويت» لدعم شقيقتهم مملكة الأردن، كرد قوي على كل الأقاويل والترهّات التي ترفعها فضائيات معادية للوحدة العربية، ولتخرس تلك التخرّصات التي تنطلق من بعض الأشخاص، الذين لا يرون حقيقة مواقف المملكة مع أشقائها العرب، ويتعامون تعمدا عنها، بدافع من الحسد والحقد معا على السعودية، مع أنهم يعلمون بمواقفها ودعمها اللامحدود على كل الأصعدة المادية والسياسية والاقتصادية، وجاءت تلك المبادرة لتكذب ما يسمى «بصفقة القرن أو بيع فلسطين» كرد عملي بمليارين ونصف من الدولارات ليبقى الأردن قويا، لأجل أن يقف من جديد في أزمته ويتخطاها، ويعمل لمصلحة شعبه وأمته وقضاياها، وكما هو منهج بلادنا السعودية، فهي تسند أشقاءها وتدعمهم، لكنها لا تحاول أن تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة ما، بل تقف تلك المواقف من منطلق حرصها على استقرار الدول العربية واستمرار أمنها، ومن منطلق أن هذا واجبها نحوهم، فليت تلك الأصوات والأبواق والمنابر التي تتعامى عن مواقف المملكة، أو تبحث عن مبررات واهية، تكون منصفة في أخبارها وأقوالها وتحفظ الجميل والمعروف، أو تخرس، أما المنصفون لبلادنا، فهم يعرفون حقيقة مواقف المملكة، وكم ضحت وقدمت لأشقائها العرب والمسلمين والدول المحتاجة، ولا تكفي لتدوين كل مواقفها العظيمة مقالات قصيرة كهذه. عاشت بلادي السعودية.