خالد الوحيمد

لا شك أن أحداث الربيع العربي ما زالت متجذرة في ذاكرة الإنسان العربي بين ناقدٍ لها وبين مؤيدٍ لِحراكها، برغم أنها جلبت للمنطقة الكثير من الويلات، ولا يوجد اتعاظ عما حدث في هذه البلدان بشكل عام.

حينما اتضح أن كل هذه التغييرات التي حدثت خاصة في بلاد الربيع العربي قد انعكست على شعوبها المطالبة بالتغيير والإصلاحات، فلا الإصلاحات جاءت بالنفع ولا التغيير جاء بالخير، كل ما هنالك قتل وتدمير وسفك دماء وهدم للبنية الاجتماعية من تشريد واضطهاد. فحينما انطلقت هذه الشعوب منددةً بتحسين الوضع الاقتصادي والسياسي كان دافعها العاطفة لا العقل!

فنهج الثورات اليوم أصبح مختلفاً تماماً عن الماضي، بحيث كان في الماضي يستبدل نظام سياسي بنظام سياسي آخر له قدراته وأدواته الخاصة لتسيير أمور الدولة دون تراجع أو توقف. أما أحداث الثورات الأخيرة المسماة (بالربيع العربي) سببت شللية ونكوصاً وتخريباً ودماراً مما أثر على المنطقة العربية بكاملها. السبب كما هو معروف أن البديل عن هذه الأنظمة هي المنظمات الإرهابية، كبروز الحوثيين في اليمن وداعش في كلٍ من العراق وسورية؛ ناهيك عن وضع ليبيا والجيوب الإرهابية فيها والتي ناصرت الخلافة الإسلامية المزعومة.

فالمنطقة العربية وتحديداً الشرق الأوسط يوجد فيها خلايا إرهابية نائمة مدعومة من قطر وإيران وتتحرك إعلامياً في عالمها الافتراضي من مواقعها التواصلية الاجتماعية المعروفة خاصة على (تويتر) لشحن وتحريض الشعوب للتمرد على أنظمتها، تارة باسم الإسلام وتارة أخرى باسم حقوق الإنسان وجميعها ألاعيب انكشفت للعاقل الحصيف.

حينما واجهت الأردن قبل عدة أسابيع أزمة اقتصادية خانقة، عملت هذه الخلايا الإرهابية كل جهدها لزرع الفتنة بين الشعب الأردني وقيادته، من أجل تفكيك هذا الارتباط لتكون الأردن بيئة خصبة للإرهابيين، ولكن الشعب الأردني كان متماسكاً ولا تنطلي عليه هذه الشعارات الجوفاء. من أجل هذا جاءت دول المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت لإنقاذ الاقتصاد الأردني ولإبعاد الشعب الأردني من شر الحروب والفتن.

النظام القطري كما هو واضح اليوم يسير بلا هدفٍ وأن مشروعه السياسي التوسعي وهمٌ بسبب أفكاره السياسية الغبية ولا يريد التراجع عن أفعاله الدنيئة، بل كانت المكابرة أنه فَضّل الخروج عن البيت الخليجي والارتماء في حظيرة نظام الملالي الإيراني، وهذا الأخير يتحرى ضعف دول الجوار من إحداث فوضى خلاقة ليسهل عليه زرع أجندة جدية كما زرعها من قبل في أربع عواصم عربية، ولعلنا نضيف الدوحة تابعةً لهذا العدوان الصفوي الحاقد الذي يحاول بمحاولاته الفاشلة إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية على حساب شعوب المنطقة.