عبدالله العوضي

دخل التحالف المغوار عامه الرابع لإخراج «الحوثيين» من عرين صنعاء بالتي هي أحزم، ولَم يرد التحالف طوال هذه المدة تدمير العاصمة المغتصبة على رؤوس الأبرياء الذين يتترس بهم الجبناء من «السلالة الحوثية». ولم يعد الحزم مجدياً معهم، بدليل أن انتصارات قوات التحالف الخاصة بإعادة الشرعية إلى أهلها في الآونة الأخيرة جعلتهم يهرولون باتجاه الحل السلمي، والبحث عن سبل الحوار من جديد بعد إفشالهم لكل لقاءات الحوار الوطني، وكان أطولها وأشقاؤها في الكويت حيث استمرت المشاورات لثلاثة أشهر لم تحرك في ضمير «الحوثيين» شعرة وطنية واحدة للقبول بالسلام، الضرورة القصوى قبل أن يتحول اليمن إلى سوريا أخرى أو عراق آخر، يجر أذيال الخيبة المركبة من فعال هذه الجماعة الصماء عن سماع صوت الشعب والسعي لقطع أنفاسه اذا استطاعت إلى ذلك سبيلاً.

ولكن هيهات هيهات والتحالف العربي الجسور لهم بالمرصاد.

لماذا نرى بأن سرعة الحسم هذا العام من الضرورة بمكان لأسباب موضوعية وواقعية من أهمها هو عدم أهلية «الحوثيين» لقيادة اليمن سياسياً ولا دينياً وكونهم جزءاً من الكيان اليمني، ليس شرطاً أن يصبحوا في غفلة من الأمر ساسته فضلاً عن شرعنة حكمه بقوة السلاح الإيراني.

أما دينياً فلأنهم انتهجوا «الطائفية» وسيلة معوجة لتغليف الحكم بادعائهم ملكية ختم آل البيت، وهو سلاح أخطر من الأول لأنها بابوية وكهنوت ينقل اليمن في نفق مظلم إلى حال العصور الوسطى التي لفظتها أوروبا ومزقت جلبابها إرباً إرباً، واستبدلتها بعلمانية احتوت من خلالها جميع الأديان السماوية المقدسة والأرضية، دون إقصاء أو احتقار لأحد أو حزب سياسي له شرعية البقاء ضمن هذا الإطار من العلمنة الدستورية وليست القصرية ولا القيصرية. 

ترى ماذا فعل «الحوثيون» باليمن وأهله طوال الفترة الماضية بعد أن استولوا على مقدرات الدولة عنوة ومن خلف أبواب الشرعية التي أقرتها صناديق الاقتراع الديمقراطية؟ لقد حولوا اليمن كلها إلى منطقة مستباحة لاتباعهم، فإذا دخلوا بيتا نهبوا كل محتوياته، وكأن البيت مائدة نزلت عليهم من السماء يرقصون حولها ويبتهجون لسرقتها ويتلذذون بتحويله إلى قمامة لا تصلح حتى لإعادة التدوير. بعد ذبح الرجال، انتقلوا إلى النصف الآخر من المجتمع من أجل تحويلهن إلى سبايا حرب لتشغيلهن في مراكز «الزينبيات» للاستمتاع بهن وتحت إمرة أمراء الحرب من «الحوثيين» ومن التحف بأفكارهم وتوسد بتطرفهم وافترش بحصير جهنمهم. ولم يكتفوا منهن بذلك، بل جروا البعض الآخر منهن إلى ساحات الوغى لممارسة القتل بكل أشكاله وفظائعه بعد أن انتزعوا من قلوبهن أغلى عاطفة وهبها الله لهن. فأجبروهن على ترك المدارس والجامعات لتعمير القات والبنادق باسم "الجهاد"، الذي دنس معانيه السامية بيد حثالة لم يراعوا قيمة ولا عرفاً ولا إنسانية عامة لدى البشر.

ولقد سطوا على أجهزة الإعلام الرسمية وغيرها، لبث سمومهم الفكرية في ثنايا المجتمع، عن طريق الدراما التي تجسد هذه الآفات على أساس أنها حقائق مفروضة على الشعب كله اتباعها وليس «الحوثيون» وحدهم.

فالمزيد من الحوار مع هؤلاء يعني التمادي في التسلط، وتحقيق حلم «حزب الله» الجديد في اليمن، وتعطيل الحكومة كلها وليس الثلث فقط والثلث كثير بقوة سلاح الحرس الثوري الإيراني، وهم بذلك من أعمدة الحكم الفارسي في اليمن العربي الأصيل. لقد حان الوقت لطرد هذا الدخيل من أرض الأصالة، ويعود إلى كهفه يجر أذيال الخيبة والشنار.