تأهيل المواطن المغربي قبل المغامرة لاستضافة المونديال

عبد اللطيف مجدوب

 لا بد من وقفة تشريعية أمام كل الأنشطة والتظاهرات الدولية التي يرغب المغرب في استضافتها، وحتى لا نسقط في المزاجية والارتجالية وتستبد بنا طموحاتنا الهوجاء أحيانا، من الضروري ؛ وموازاة مع رغبة الشعب ومكوناته المدنية ؛ تمرير مثل هذه المشاريع بالبرلمان بغرض مناقشتها والبت في أمر تنفيذها من عدمه، حرصا على مبدأ حسن تدبير المال العام والحكامة الجيدة ، في اتجاه تنزيه خطواتنا عن كل مغامرة أو مقامرة تنسف مجهوداتنا وتستنزف أموالا ضخمة تذهب هباء ..

خمس محاولات وهدر المليارات

ما زال المغاربة ينظرون بحرقة إلى المحاولات الخمسة الفاشلة التي كبدت خزينة الدولة مليارات الدولارات في اللهث وراء استضافة المونديال من خلال سنوات 1994 ؛ 1998 ؛ 2006 ؛ 2010 ؛ 2026 ... وربما المحاولة السادسة 2030 !

ولا شك في أن الحسم في مشروع من هذا الحجم (المونديال) يستدعي استحضار معطيات قطاعية ميدانية ، لا تنحصر بالضرورة في قطاع الرياضة فحسب بل تتجاوزه إلى قطاعات داعمة أخرى ، على رأسها القطاعات الاجتماعية : من تعليم وصحة وقضاء وإدارة ... فهل المغرب ؛ وتبعا لهذه المعايير الدولية ؛ مؤهل لاحتضان منافسات رياضية من عيار المونديال ؟

وسؤال التأهيل الذي ينبغي الإلحاح عليه هو ما عليه تعليمنا وصحتنا وقضاؤنا وإدارتنا ؟ ولا نغالي إذا أكدنا ؛ سواء من خلال المعاينة الميدانية أو التقارير الدولية ؛ أن تعليمنا يجتاز وضعية كارثية لغياب التخطيط وسوء التدبير .

أما الصحة فقد غدت مريضة والولوج إليها يمر من الخضوع لأبشع أشكال الابتزاز ، أما قضاؤنا فقد غدا مسيّسا إلى أبعد الحدود تتحكم فيه أطماع وأطراف نافذة في السلطة .. أما إدارتنا فهي اختزال لبنية علاقة الحاكم بالمحكوم : استغلال وبيروقراطية وتعطيل مصالح وملفات ، ومساومة في الحقوق ... مثل هذه الأوضاع ؛ وبهذه الخصوصيات السوداوية ؛ لا يمكن إلا أن تفضي في أفضل الحالات إلى خلق مواطن متذمر عاطل ناقم ساخط قابل للانفجار في كل لحظة داخل مجتمع تسوده ثقافة النصب والاحتيال .

إذن السؤال هل المغرب؛ وبهذه الخلفيات السوسيو اقتصادية ؛ قادر على التأهل وخوض غمار المنافسة الشرسة مع بلدان أخرى ؛ ينعم فيها المواطن ببيئة اجتماعية أقوى وأكثر واستقرارا من بيئة أخرى هشة مائلة للانفجار في كل وقت وحين مثلما هي عليه البيئة المغربية حاليا والتي لا يمكنها البتة تأهلها للمونديال ولو ظلت تطارده ليس فقط إلى حدود سنة 2030 بل حتى الألفية الثالثة ؟!