محمد ماء العينين 

 بصوت مرتفع: انتصار السياسة الملكية تجاه الاتحاد الإفريقي..

 قضية الوحدة الوطنية أكبر من المؤامرات. ومن أخطر المؤامرات مؤامرة الصمت. فإذا سكتنا على إثر فشل فتلك مؤامرة، ولكن البعض يظن أن السكوت على النجاح وعدم التهليل به هو من الطبيعي، بينما في ذلك مؤامرة أخطر من السكوت على الفشل.

قضية وحدتنا الترابية بلغت ما بلغت من تعثر، بسبب تهليل خصوم المملكة لكل صغيرة وكبيرة يعتبرونها إيجابية لهم؛ فموت مواطن بحادثة سير بالأقاليم الصحراوية أو بالمستشفى هي جريمة يرتكبها النظام المغربي ويتم لها تحريك الرأي العام الدولي. مشاجرة بين شباب يتعاطى المخدرات أو يمارس الفساد وأدت إلى قتل أو جرح فهي بفعل النظام المغربي وبتخطيط منه ويبعث بها إلى الأمم المتحدة لتضمن في تقرير مبعوث الأمين العام، ويكون المصدر في ذلك دون الإشارة إليه هو الصحافة المغربية.

وفي المنوال نفسه فإن كل ما يحصلون عليه من مساندة من بلديات صغيرة تكاد تكون مجهولة في دولها، يسيرها عادة أقصى اليسار، تنشر وكأن تلك الدولة بأكملها تساند المجموعة الانفصالية..

الآلة الطاحنة للإعلام العنيف والعنيد للجزائر تنفخ في كل صغيرة، فتجعل منها نصرا مبهرا. وأول ضحية لهذا المكر الصحافي هو الكثير من الإعلاميين المغاربة الذين يعيدون توزيع الخبر متذرعين بالموضوعية والرغبة في استدراج المسؤولين إلى الرد والتصحيح، دون التحقق من قيمة الخبر ومن بعد مفعوله الدعائي داخليا على الخصوص.

إننا ننسى أننا في حالة حرب على جميع الأصعدة، تستعمل فيها الجزائر دبلوماسيتها وجيشها وأرضها وأجهزتها وأموال شعبها وخصوصا إعلامها، بل "إعلامها الحربي".

إن تجاهل الكثير من الإعلاميين للانتصارات الكبرى التي يحققها المغرب يحز في النفس، ويسيء إلى الموضوعية وإلى الوطنية وإلى الوطن.

بالقراءة الحصيفة، المتأنية والدقيقة لمخرجات مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي يوم الاثنين الماضي بنواكشوط بموريتانيا، نجد أن الجملة الأخيرة من النقطة "أ" من الفقرة الخامسة سحبت البساط بصفة قوية زلزلت أقدام خصوم المغرب.

الفقرة تقول: "إن القمة تقرر أن قضية الصحراء لا يمكن أن يتم تناولها من طرف الاتحاد الإفريقي إلا في إطار المساندة الكاملة لمجهودات الأمين العام ومبعوثه الشخصي وفقط من طرف اللجنة التي أوكلت القمة لها ذلك".

هذه الفقرة تفرغ باقي الفقرات من أي مدلول يشكل ضغطا أو خطرا على الموقف المغربي. إنها نصر صارخ للسياسة الإفريقية التي نهجها وما زال ينهجها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ومن جملتها الاستقبال الرسمي الذي حظي به من لدن جلالته أياما فقط قبل القمة الإفريقية كل من رئيس المفوضية الإفريقية والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والرئيس النيجيري، ويضاف إلى ذلك الوفود المعلنة وغير المعلنة التي جابت إفريقيا شرقا وغربا لإبلاغ التوجه الملكي إلى كافة رؤساء الدول الإفريقية.

لقد انتهى وإلى الأبد ما كانت ماكينة الجزائر تحصده من مواقف إفريقية تستقوي بها بالمحافل الدولية، حيث كانت تعتبر أن المنظمات القارية أولى بالاختصاص في البحث عن حلول النزاعات الإقليمية.

انتهى ما كانت تعتبره موقفا لثلاث وخمسين دولة إفريقية لكل واحدة منها صداقة وتأثير لدى دولة أخرى من القارات الأخرى. انتهى بلا رجعة أي موقف للجنة السلم والأمن الإفريقية التي لا يزال يرأسها دبلوماسي جزائريّ. انتهت العبارات الرنانة التي كانت تدبج بها التوصيات الإفريقية لفائدة جمهورية ورقية وجودها لا يتعدى الأوراق التي تكتب عليها.

الاتحاد الإفريقي تغيّر بوجود المغرب بداخله. وكان لا بد لذلك من شجاعة الملوك، وقد قرّر جلالة الملك ونفّذ وتوفق. بفضل سياسة جلالة الملك تمغرب الاتحاد الإفريقي.

مثل هذا الانتصار يستحق أن يتلقفه إعلامنا، وأن يتم تحليله وتوزيعه ومتابعة نتائجه للدفع بها قدما لتحقيق المزيد، والزحف بإصرار نحو فك الحواجز التي تمنع من العودة إلى الوطن أبناء الصحراء المغربية المحتجزين من لدن الجزائر وميليشياتها والانفصاليين من أبناء المغرب وهم أقلية أمام الأغلبية الساحقة الموجودة بالتراب المغربي الصحراوي والتي عبر ممثلوها الحقيقيون للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة عن مغربيتهم التي لا جدال فيها وعن ترحيبهم بالمقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي كحل لا يمكن القبول بأكثر منه.

* سفير المملكة المغربية سابقا في عدة عواصم دولية.