محمد علي فرحات 

لن يتوصل مجلس الأمن إلى قرار في جلسته الطارئة اليوم حول جنوب سورية، بعد تقدّم جيش النظام في المنطقة مدعوماً من روسيا. ما يتوقف عنده المجلس هو الحال المأسوية للنازحين من مناطق القتال، وإغلاق الحدود الأردنية والإسرائيلية أمامهم والاكتفاء بمساعدات غذائية وطبية يقدمها الجيشان الأردني والإسرائيلي الى الحشود في الجانب السوري. ولن تستجيب عمّان ولا تل أبيب طلب منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس، فتح الحدود أمام آلاف المدنيين. ثمة سباق بين التسوية السياسية والمعارك التي تخف وتيرتها شيئاً فشيئاً، نتيجة ضغوط إقليمية ودولية على فصائل المعارضة والنظام.


الاتفاق الأميركي – الروسي لا يمكن إخفاؤه، وقد برز قبل أيام عندما استقبل مسؤولون في سفارة أميركا في الأردن ممثلي فصائل سورية معارضة وأبلغوهم أن لا ينتظروا مساعدة واشنطن في معارك درعا وجوارها. من هنا التقدم السريع نسبياً لجيش النظام في مناطق صعبة جغرافياً، واندراج فصائل من «الجيش الحر» في المصالحات التي يرعاها الروس. يسمع العالم احتجاج معارضين ثم يسمع قبولهم صيغة التسوية المعهودة التي تقتضي عفواً يعقب تسليم السلاح، والاندراج في فرق يستحدثها الجيش للذين يقبلون الانتقال من صفوف المعارضة الى القبول بواقع الدولة والنظام.

الصعوبتان الرئيسيتان أمام التسوية هما جبهة النصرة / «القاعدة» المرابطة في جهة القنيطرة وبعض درعا، وتنظيم «داعش» الذي يحتل جزءاً من منطقة اليرموك. هاتان الصعوبتان تطلبتا استدعاء رئيس الأركان الإسرائيلي غادي إيزنكوت الأسبوع الماضي الى واشنطن لاجتماع طارئ مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد. ولم يرشح أي خبر عن اجتماع القائدين، لكن المتابعين يتوقعون حلاً ما لمشكلة وجود «القاعدة» و»داعش» في الجنوب السوري سيعقب مباشرة المصالحات التي تنخرط بها الفصائل المقاتلة غير الإرهابية.

وإلحاقاً بـ «القاعدة» و «داعش»، هناك «حزب الله» اللبناني وقوى عسكرية إيرانية وأخرى مرتبطة بطهران تصنفها الولايات المتحدة ودول في أوروبا والشرق الأوسط في خانة الإرهاب، والمطلوب سحبها من الجنوب السوري لتكتمل التسوية محلياً وإقليمياً ودولياً. هذا الأمر مطلوب من موسكو، وهي وجدت سبيلاً الى تحقيقه باتفاقها مع واشنطن على العودة الى اتفاق فصل القوات بين إسرائيل وسورية (1974) الذي توصل إليه وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، وأقرته الأمم المتحدة التي أرسلت قوات خاصة للفصل بين الطرفين (الأندوف). هذا الاتفاق تطلب إسرائيل استعادة تطبيقه، وتصمت دمشق من باب إعلانها الدائم القبول بالقرارات الدولية.

في اتفاق الفصل بند يركز على منطقة في الجانب السوري محدودة القوات، ما يعني أن العودة الى الاتفاق تتطلب بالضرورة وجود قوات سورية محدودة العدد، وأن تكون نظامية باعتراف الطرف الإسرائيلي ومعه المجتمع الدولي. وهذا يؤكد استبعاد قوات إيرانية أو صديقة لإيران من منطقة الجنوب السوري.

ترتيبات استعادة اتفاق الفصل يُفترض أن تستكمل قبل الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي لوقف بيع النفط الإيراني. وستدخل المنطقة في وضع جديد عنوانه مواجهة إيران نفطياً، ما يدفع الى لملمة الوضع السوري بسرعة، بدءاً من الجنوب على الأقل.