أحمد الصراف 

 قلة من الكويتيين لم تزر مصر، أو القاهرة، وتقع أسيرة ثقافتها وفنونها وآثارها ومدنها الساحلية وتلك الواقعة على النيل، وأسوان الرائعة، قبل أن يعبث العسكر بها، بقصد او بغير قصد، فسادا وتخريبا، وانشغالا عن قضايا الوطن، أو هروبا منها، لقضايا افريقيا والعرب وعدم الانحياز، والتي أهلكتها سنة بعد أخرى حتى وصل الوضع إلى ما هو عليه، مع احتفالات القيادة بتجاوز عدد المصريين المئة مليون، الذين يحتاجون يوميا لضعف هذا العدد من أرغفة الخبر المدعومة، 365 يوما في السنة، هذا غير الأساسيات الأخرى، وما أكثرها. العرب من غير مصر لا شيء تقريبا، وأصبحت مصر مع العرب، مؤخرا، لا شيء تقريبا، بعد ان أتعبوها بمشاكلهم وأتعبتهم بما أرسلته من إرهاب الإخوان لهم، وبالتالي لم يكن مستغربا تصويت مندوبي الدول العربية، في المحافل الدولية، بعضهم ضد بعض لمصلحة دول غير عربية، وغير صديقة أحيانا، كل ذلك نكاية بعضهم ببعض!
قلة من دول العالم لها ما لمصر من مشاكل، مع قلة مواردها، وما ينخر في جسدها العتيق من فساد لا يمكن السيطرة عليه. فهناك الإرهاب، وهناك قضية الإخوان، وهناك قضايا الديموقراطية، والتنمية، والتزايد الرهيب في أعداد السكان، والبطالة، والأمراض، وسوء مياه الشرب، والغش في كل شيء تقريبا، ونقص المساكن، وتدهور الصناعة، والانخفاض الكبير في دخلها من البترول، وتخلف مؤسساتها الدينية، وانهيار آلتها الإعلامية التي كانت يوما شيئا ما! ثم يكتمل الانشغال بصغائر الأمور مع إعلان أعلى جهة دينية عن فتوى بحرمة اقتناء الكلاب لغير غرض الصيد وحراسة الماشية، أما غير ذلك فحرام حرام.
لست هنا لأفند الأمر من الجانب الديني، ولكن هل اختزلت مشاكل مصر الرهيبة في اقتناء الكلاب؟ ماذا عن سباق الأرانب في معدلات التوالد؟ ماذا عن الصراع المذهبي في مصر الذي ينخر في جسدها؟ ماذا عن الحقوق المهدورة للأقباط؟ ماذا عن ختان الفتيات؟ ولن نستمر في التساؤل، فالقائمة طويلة.
أعرف شخصيا اكثر من عائلة تقتني كلبا جميلا لا يمكن لابنهم او ابنتهم المعاقة العيش من دونه، فهو الذي يجعلهم يبتسمون، عندما يكون الجميع حولهم متجهما، وهو الذي يلعب معهم عندما يكون الجميع منشغلا بهاتفه أو بمتابعة مسلسل تركي سخيف، فكيف يكون اقتناؤه محرما؟

الكلب كان طوال تاريخ الإنسان الحديث، ومنذ أن تم استئناسه قبل أكثر من 100 الف عام رفيقه وصديقه وحاميه. والكلب أليف وجميل ويتواصل مع الإنسان بكل سرور. ولو حبسته في صندوق سيارتك لساعات لخرج ليقبلك ممتنا، وإن حبست أخيك، من امك وأبيك، في نفس المكان، لخرج ليطلق النار عليك ويرديك قتيلا.
ولو نظرنا حولنا لرأينا ان جميع العالم «المتحضر»، وهذه أهم من «المتقدم» يولي مسألة رعاية الكلاب، والحيوانات الأخرى، وصحتها وعدم الإساءة لها أهمية كبيرة. كما أن للكلاب دورا في الكشف عن المخدرات، وهذه لم تستثنها الفتوى. وللكلاب أدوار أخرى، بينما نحن نضربها ونقتلها ونحرمها من الطعام والماء، لأن قلوبنا قاسية لا تعرف الرحمة.
ونضم صوتنا الى صوت الزميل خالد منتصر، نرفعه دفاعا عن هذا الحيوان المظلوم المضطهد فى تراثنا من دون سبب أو جريمة ارتكبها، وإننا سنحبه، ونطالب باقتنائه والتوسع فى تربيته، فهو يدخل السرور الى القلب كما يفعل الطفل الصغير بنا.