حسن قايد الصبيحي 

عن رؤيا القائد قال: التعليم أساس الحضارات وركيزة التنمية، وعن فهمه لطموحات شعبه قال: لمست في الجميع العزيمة والدافعية والطموح لإثبات الذات وتحقيق الإنجازات. هذا مما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لأبنائه من المتفوقين في الثانوية العامة، وهو يستقبلهم أمس الأول في قصر البحر في أبوظبي، في ظل نهج يهتم بالدفع بأبناء الجيل الجديد إلى الالتحاق بأفضل الجامعات والمعاهد العلمية المتخصصة، وبتوفير أعلى درجات المتابعة والإشراف العلمي والتخصصات الرفيعة لأبناء هذا الجيل، وبتبني سياسة تعليمية يقودها ويشرف عليها مباشرة كبار المسؤولين في الدولة.

زيارات الشيخ محمد بن زايد الخارجية، ومنها زيارته للصين قبل نحو ثلاثة أعوام من الآن، تشهد على ذلك، بما عرفته من توقيع لاتفاقيات وأوجه تعاون استراتيجي مع العملاق الآسيوي، تكريساً للعلاقات الثنائية الواسعة والراسخة، وضمنها بند الاستفادة من خبرات البلدين في مجال التعليم.

ومن المؤكد أن التعاون المثمر بين الإمارات وجمهورية الصين الشعبية هو مظهر للسياسة الخارجية المتسمة بأعلى درجات الحيوية والديناميكية، فخلال الأسابيع الأخيرة كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في روسيا ثم في إثيوبيا ثم في كازاخستان. والمؤكد أن هناك الكثير من الحكمة والقدرة على إذابة الثلوج في العلاقات التي تجمدت لعقود بين الجارتين إرتريا وإثيوبيا، وقد نجحت الإمارات في إزالة ما علق بين البلدين من رواسب سياسية وثقافية، لإدراكها أهمية استقرار القرن الأفريقي، وسعياً لنزع فتيل صراعات الإقليم خدمةً لأمن وسلام المنطقة.

وتمثل الصين وتجربتها محطةً مهمةً في المسيرة الحضارية للإمارات، وكما تبين الأرقام والإحصائيات، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في الآونة الأخير أرقاماً عالية للغاية. والعلاقة المتكافئة لابد أن تخلق استقراراً وديمومة، تحكمهما المصالح وليست الأهواء والأمزجة السياسية.

وإذا تساءلنا حول مبتغيات كل من الإمارات والصين من وراء العلاقات المتنامية بينهما، فلعل الجواب المختصر، وربما المتعجل، يشير إلى المعرفة بمدلولها العام، الفني والتقني والإداري. فالصين دولة عظمى وعملاق اقتصادي صاعد بقوة، وهي تمثل مرجعية مهمة في فنون الإدارة وامتلاك التقنية العالية. هذا بينما قطعت الإمارات شوطاً كبيراً في مجالات التنمية، وأضحت أحد أهم مراكز المال والأعمال والتجارة على الصعيد العالمي. والصين من جانبها دولة كبرى تزحف بعناد وإصرار نحو المرتبة الأولى بين اقتصادات العالم، عبر خطط محكمة لتجاوز الاقتصاد الأميركي في غضون سنوات قليلة قادمة. وإزاء الآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي، فإن خيارات الإمارات مفتوحة ومشروعة، والصين قادرة على الاستجابة لهذه الخيارات. أما ما تريده الصين من الإمارات فهو حيوي لمسيرتها المستقبلية؛ فهي تبحث عن أسواق، وسوق الإمارات ليس له حدود، إذ يمتد إلى كثير من الدول الأخرى في آسيا وأفريقيا، ليس في مجال السلع الثانوية فحسب، ولكن أيضاً في مجال السلع الإنتاجية والآلات الفنية، ناهيكم عن السوق الرائج للإلكترونيات على صعيدي التجارة الداخلية وتجارة إعادة التصدير. وهناك أيضاً الحاجة الصينية المتزايدة للطاقة، والإمارات دولة رئيسية في هذا المجال.

ومن ذلك يتضح أن توازن المصالح يؤذن بازدهار العلاقات المتبادلة بين البلدين.

وفي الآونة الأخيرة قام سمو الشيخ عبد الله بن زايد بزيارة للصين، بغية نقل اتفاق القيادتين في البلدين إلى حدوده التنفيذية القصوى. وتم تشكيل اللجنة المشتركة للتنمية بغية العمل على تشكيل آلية عليا لتنفيذ الاتفاقات، وربما صياغة اتفاقات جديدة إن دعت الحاجة إليها مستقبلا. وزيارة الدولة التي يتوقع أن يقوم بها الرئيس الصيني للإمارات ستلقى بكل تأكيد ترحيباً كبيراً من حكومة الإمارات وشعبها.