دعا شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الشباب إلى تجنب الحوار في العقائد، والانشغال بالنقاش في المشتركات والقيم الإنسانية، وحض قيادات الأديان في العالم على التصدي لمآسي البشر، مؤكداً ضرورة مواجهة الإرهاب، خصوصا أن الغرب لم يعد بمأمن من هجماته.


وترأس الطيب وكبير أساقفة كانتربري جاستن ويلبي الجولة الثالثة من جولات الحوار بين الأزهر والكنيسة الإنجليكانية، التي استضافها «قصر لامبث»، حيث مقر أسقفية كانتربري، في لندن.

والحوار بين المؤسستين انطلق في العام 2002. ولفت كبير أساقفة كانتربري إلى أن انطلاق الحوار بينهما أتى بعد تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) بأشهر، وقبل عام من احتلال العراق، فيما كانت الانتفاضة مشتعلة في الأراضي الفلسطينية، لافتا إلى أن التحديات الآن ليست أقل صعوبة مما كانت عليه في هذا التوقيت، خصوصاً في ما يتعلق بدور القيادات الدينية وقدرتها في التأثير في الجماهير، وكيفية مشاركتها في صنع السلام وبناء عالم جديد.

وقال الطيب، وفق بيان للأزهر وزع في القاهرة «إن الحوار بين الأزهر والكنيسة الإنجليكانية يحتاج للتوقف أمام عدة إشكالات مهمة، منها غياب الدين عن توجيه الناس»، لافتاً إلى أن هذا الغياب بدأ في الغرب ثم أخذ في الانتقال إلى الشرق. وأوضح أنه يجب على قيادات الأديان التصدي للمآسي التي يتعرض لها البشر، والوقوف بجانب الفقراء والمهمشين، مشدداً على أن تصدي الإسلام وحده أو المسيحية وحدها، لهذا الأمر لن يكون كافياً، وإنما يجب أن نجتمع تحت خيمة واحدة عنوانها: «الدين ضرورة للإنسان»، ووجود هذه الخيمة يتطلب سلاما بين قادة الأديان.

وعلى هامش الحوار، يُعقد «منتدى شباب صناع السلام» الذي يناقش دور القيادات الدينية في صنع السلام العالمي وترسيخ قيم التعايش وقبول الآخر. ويشارك في المنتدى 25 شاباً من أوروبا، قامت باختيارهم أسقفية كانتربري في لندن، و25 شاباً من العالم العربي، اختارهم الأزهر ومجلس حكماء المسلمين من دول عربية عدة.

وقال شيخ الأزهر، خلال لقاء مفتوح مع المشاركين في المنتدى «إن الشباب هم الأمل، فلا تنتظروا منا توجيهات وإنما نحن ننتظر منكم خططا وندعمكم لكي يصبح هذا المنتدى نموذجا يحتذى به، ويضم الشرق والغرب». ونصح الشباب بتجنب الحوار في العقائد، مؤكداً أنه «لا تحاور في الدين والعقيدة» وإنما الحوار في المشتركات والقيم الإنسانية، مثل التسامح والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وليس القوة أو العنف.

وعلى هامش زيارته لندن، التقى الطيب مع رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير. وأعرب شيخ الأزهر عن أمله بأن يكون اللقاء خطوة إضافية في سبيل تعزيز التعاون بين الأزهر وبريطانيا، من أجل دعم قيم السلام والحوار والتعايش، مشيراً إلى وجود تطابق في الرؤى بشأن ضرورة مواجهة الإرهاب والتصدي للأفكار المتطرفة، خصوصاً أن «الغرب لم يعد بمأمن من العمليات الإرهابية، وهو ما يستوجب تضافر الجهود بين الجميع».

وأوضح أن الأزهر أنشأ مرصداً لمكافحة التطرف، كما أنه يستقبل سنوياً مئات الأئمة من مختلف العالم لتدريبهم على مواجهة الفكر المتطرف وتزويدهم بقيم المنهج الأزهري الوسطي.

وأكد بلير أن الأزهر له مكانته ليس فقط بين المسلمين، وإنما في العالم كله، فهو المرجعية الأولى للمسلمين، والرسالة التي يقوم بها مهمة للغاية، حيث يمثل الإسلام الصحيح، والحاجة إليه تتزايد في ظل ارتفاع صوت المتطرفين.

وأوضح أن الأزهر لديه إمكانات فريدة في مواجهة الجماعات الإرهابية، تتمثل في مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الذي يضم نحو مئة باحث، يعملون بـ١٢ لغة مختلفة، ما يتيح كميات هائلة من البيانات والمعلومات، التي يمكن تحليلها واستخدام نتائجها في صنع السياسات وتوجيهها.