مارلين سلوم «الحشاشين» ملحمة حلقت عالياً بأكثر من جناح، سبق أن تحدثنا عن جناح الكتابة والمبدع عبدالرحيم كمال، ونكمل مع جناحي التمثيل والإخراج.

اختيار النجم كريم عبدالعزيز لأداء دور شخصية حسن الصباح التي فتحت أبواب الإرهاب والعمليات الانتحارية في العالم، صعّب على الجمهور المهمة، فكيف يمكننا أن نكره الصبّاح ونحن نرى أمامنا هذا النجم المحبوب الذي لم يظهر بدور «شرير» طوال مسيرته الفنية؟ لكننا ندرك سريعاً أنه النجم المناسب لهذه المهمة الصعبة، وأن كريم عبدالعزيز موهوب حتى العظم وقد تفوّق في جمع تناقض الإظهار والإبطان في ملامح وجهه، حتى ابتسامته التي اشتهر بها عرف كيف يجعلها هنا خبيثة ماكرة؛ بنيانه ساعد في جعل صورة مؤسس المجموعة الخارجة على الدين والقانون وصاحبة الفكر الإرهابي، متناسقة مع مواصفات الرجل وهيبته، زادها كريم عبدالعزيز ترسيخاً بنظراته ونبرة صوته وطريقة أدائه.

لا يمكن الحديث عن التمثيل في «الحشاشين» دون التوقف عند المفاجأة التي أثارت إعجاب الناس منذ البداية، النجم أحمد عيد الذي يمكن القول إن هذا المسلسل أعاد تقديمه بشكل مختلف تماماً للجمهور، أتاح له فرصة إظهار الكثير من قدراته، رجل فقير أحدب محني الظهر يلف الأحياء منادياً، ثم باطني يجمع الرجال والشباب للحاق بحامل «مفتاح الجنة»، يصبح ذراعه اليمنى وكاتم الأسرار. مقاتل شرس، ماكر بل داهية في إقناع الأتباع لتنفيذ العمليات الانتحارية وفداء «مولانا» بأرواحهم لدخول الجنة، وهو أول من دلّ حسن الصباح على عشبة الحشيش فاستغلها هذا الأخير لاستخدامها في تخدير من سيقومون بالعمليات الانتحارية ويوحي لهم بأنهم سيدخلون الجنة حيث تنتظرهم «الحوريات».

فتحي عبدالوهاب، محمد رجب، بل كل الممثلين متألقون، ولا شك أن للمخرج دوراً مهماً في حسن اختيارهم وإدارتهم بإتقان رغم كثرة أعدادهم، وهنا نصل إلى عصب المسلسل، بيتر ميمي الطبيب الذي ترك مجال تخصصه ليلحق بموهبته ويدرس السينما، واليوم يكتب شهادة ميلاد جديدة في «الحشاشين» كمخرج عالمي، لا يقل برؤيته وإتقانه واحترامه لعمله ولجمهوره عن أي مخرج عالمي نعرفه، يقود فريق عمل ضخماً جداً من نجوم وكومبارس ومجاميع ويقدم معارك ويسافر للتصوير في أكثر الأماكن قرباً وتشابهاً مع تلك التي دارت فيها الأحداث في الحقيقة، الديكور، الملابس، الماكياج، الخيول، السلاح، كل الإكسسوارات اللازمة، التصوير، سرعة الإيقاع، مشاهد المعارك وتصويرها من فوق، سهام النار التي تضيء السماء.. لم تكن لتنجح لولا وجود قائد يمسك بقوة بكل الخيوط وبكل التفاصيل ليقدم عملاً بهذا الحجم وهذه الروعة.

«الحشاشين» عمل ضخم يستحق أن نشاهده أكثر من مرة، فهو يحلق وحيداً بعيداً عن باقي المسلسلات ويتجاوز حدود «الترند».