خطت المملكة خطوات كبيرة في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال العديد من المبادرات مثل إنشاء الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت» في عام 2016، بهدف تنظيم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ودعمه وتنميته ورعايته، وفقاً لأفضل الممارسات العالمية؛ لرفع إنتاجية هذه المنشآت وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 20 % إلى 35 % بحلول عام 2030. و»منشآت» بدورها أسست في عام 2018 الشركة السعودية للاستثمار الجريء كشركة سعودية حكومية تهدف إلى تطوير منظومة الاستثمار الجريء في المملكة من خلال الاستثمار في صناديق الاستثمار الجريء بالمشاركة مع المستثمرين الملاك والمستثمرين المؤسساتيين بهدف سد فجوات التمويل الحالية وتحفيز الاستثمار في المراحل الأولية والمبكرة ومراحل النمو المختلفة في الشركات الناشئة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة ذات إمكانية النمو السريع. والمملكة في هذا الشأن تستفيد من التجربة والخبرة العالمية. فالمنشآت الصغيرة والمتوسطة هي ركيزة اقتصاد لتطور بلدان العالم كافة. فنحن لسنا الوحيدين الذين تصل نسبة مشاركة هذه المنشآت إلى 99.7 % من إجمالي المنشآت. ففي العديد من بلدان العالم تصل هذه النسبة إلى ما فوق 99 %، وتعتبر الولايات المتحدة وكوريا وإندونيسيا من أهم البلدان في هذا المجال وبنسبة 99.9 %. ولذلك، فإن تجربة هذه الدول وغيرها مفيدة لنا لدعم الجهود التي يبذلها بلدنا لإعطاء دفع قوي لرؤوس الأموال الصغيرة من أجل تحقيق الأهداف التي رسمتها رؤية 2030.

فلو نظرنا إلى هيكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، فسوف نلاحظ أن معظمها هي منشآت متناهية في الصغر وبنسبة وصلت، في الربع الثاني من العام الماضي 2023، إلى ما يقارب 86 % من الإجمالي. في حين أن نسبة المنشآت صغيرة الحجم 12 % تقريباً. أما متوسطة الحجم فإن نسبتها في حدود 2 %. وهذا هو الحال في معظم البلدان. ففي ماليزيا، مثلاً، وصلت نسبة المنشآت متناهية الصغر إلى 75 % من إجمالي الشركات في هذا البلد، والصغيرة 20 % والمتوسطة 2 %. أما بقية المنشآت فلم تتعد نسبتها 3 %.

وعلى ما يبدو لي فإننا يفترض أن نركز ليس على عدد هذه المنشآت وإنما على مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي. وهذه مشكلة تعاني منها الكثير من البلدان. فعلى سبيل المثال تُشغل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في اليابان أكثر من 73 % من قوة العمل، في حين أن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لا تتعدى 50 % بكثير. ولذلك، فإن الدعم متعدد الجوانب الذي تقدمه المملكة إلى هذا النشاط يفترض أن يراعي هذا الجانب، وذلك من خلال دراسة الجدوى - وإن بصورة مبسطة. فهذا سوف يفسح المجال لتقديم الدعم بصورة أكبر لتلك المنشآت التي تثبت الدراسة إمكانية تحقيقها أرباحاً عالية. فهذه الشركات كلما زاد عددها تمكنا من رفع مساهمة هذه المنشآت إلى 35 %، وفقاً لرؤية 2030.