كشفت تقرير الهيئة العامة للإحصاء لشهر مارس الماضي، عن انخفاض معدل البطالة لإجمالي سكان المملكة في الربع الرابع من العام الماضي 2023م إلى 4.4 %، ومن ضمنهم مستوى البطالة عند السعوديين الذي وصل إلى أدنى مستوى 7.7 ٪، وهذا مؤشر جيد يقترب من مستوى البطالة في البلدان الأخرى مثل الهند التي وصل فيها مستوى البطالة في مارس من هذا العام إلى 7.6 ٪، ومنطقة اليورو إلى 6.4 ٪.

ويعود السبب في انخفاض معدل البطالة إلى معدلات نمو الاقتصاد المرتفعة، نتيجة زيادة الإنفاق الاستثماري الحكومي والخاص وتدفق الاستثمارات الأجنبية على العديد من مشاريع التنمية، وما أكثرها. ولكن هذه العملية، في الاختلاف عن السابق، ترافقت مع تقنين استقدام العمالة الأجنبية وفقاً لحاجة الاقتصاد، الأمر الذي أدى إلى تقلص البطالة في صفوف العمالة الوافدة. ولذلك، نلاحظ تقلص العمالة الوافدة السائبة وحرمان المتربحين وراءها من التطفل على الاقتصاد.

ورغم ذلك، فإن الإجراءات المتشددة على استيراد قوة العمل الأجنبية لم تؤدّ إلى تقلص عدد العاملين في القطاع الخاص. بالعكس، فإن الإحصاءات تشير إلى أن التوظيف قد وصل ذروته، الأمر الذي يعني أن تقنين استيراد العمالة الوافدة قد تم تعويضه من الداخل.

وقد لعب ارتفاع توظيف السعوديات بعد انطلاق رؤية 2030 دورا كبيرا في هذا المجال، فالبطالة النسائية عندنا كانت فيما مضى تزيد على 35 ٪، ولكن منذ أن بدأت المملكة تتجه لتوظيف السعوديات، بعد عام 2015، صارت قوة العمل النسائية، وإن بشكل تدريجي، تحل محل العديد من الوظائف التي كانت فيما مضى حصر على الرجال - وبالدارجة الأولى على قوة العمل المستوردة من الخارج، ولهذا فإن تقنين استيراد قوة العمل الأجنبية قد تم تعويضه بقوة العمل النسائية السعودية.

من هنا، فإن الاستغناء عن العمالة الوافدة في العديد من المجالات، لم يؤدّ - كما كان متوقعاً - إلى تخفيض الضغط على البنية التحتية: الاقتصادية منها والاجتماعية. وعلى هذا تشهد طرقنا التي أصبحت مزدحمة بشكل لا يطاق. كذلك فإن الضغط على المستشفيات قد ارتفع بشكل ملفت للنظر. وهذا يمكن ملاحظته عند مراجعة أي من مستشفياتنا، حيث أصبح الحصول على موقف للسيارات فيها من أصعب الصعوبات. وهذا الضغط على البنية التحتية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي يؤدي إلى تآكل القيمة المضافة التي ينتجها جنود التنمية الشجعان.

ولذلك فإن المخططين أمام تحدّ واضح، إذ عليهم أن يبذلوا قصارى جهودهم من أجل رفع القيمة المضافة التي تنتجها قوة العمل، وعدم السماح للازدحام وبطء الحركة على الطرقات بأكل الوقت المخصص لإنتاج القيمة المضافة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.