لدى الصينيين، تعد الفوضى امتحاناً للرجال؛ فهي غالباً ما تأتي لتضعهم في موقف صعب، يكشف عمّا إذا كانوا يمتلكون الرؤية الثاقبة، ويستعملون ذكاءهم للخروج من الحالة المأزومة التي هم فيها، ويستفيدون منها. الشائع عندهم أنه لا يستفيد من الفوضى سوى الحكيم أو القائد الفذ.

في عصرنا الحديث، غالباً ما تأتي الفوضى كمرحلة بين حالتين: حالة قديمة تلملم أطرافها استعداداً للرحيل لتصبح عمّا قريب ماضياً. وحالة جديدة تنهض لتستوي على ساقها لتصبح عمّا قليل مستقبلاً. يتوقع أن يكون زاهياً.

بين الحالتين، تنتهي أمور وأشخاص وبرامج وشعارات وأحلام. وتبدأ أمور ويلمع أشخاص وتوضع برامج وشعارات وتتخلق أحلام كبيرة. لا يهم إن كانت قابلة للتحقق أم لا؛ فللأحلام حلاوتها وهي في طور التشكّل.

والفوضى، علامة على انتهاء مرحلة بكل ما فيها، وقد تمت تجربتها، وبدء مرحلة قائمة على أنقاض الأولى، كل ما فيها جديد، ويُجرَّب لأول مرة. إن التشاؤم ليس مطلوباً في هذه الفترة الفاصلة، في فترة الفوضى، كما أن الإفراط في السعادة ليس مفضلاً. التفاؤل وحده هو البلسم الذي يعين الإنسان على التوازن، ليكون حكيماً صينياً. قلة هم الذين يجيدون قراءة الإيماءات التي تحملها الفوضى، في ما تثيره من غبار كثيف، يحجب عن العين الغريرة التفاصيل. هنالك من يغدو نسراً عند الفوضى، فيرى ما لا يراه كثيرون. نسر يتحول إلى راءٍ فيضع خطة صارمة لليوم التالي للفوضى، هي برنامج عمل أو سمها خارطة طريق. بكلام آخر، اعتبار كل فوضى سلبية، هو جهل. هنالك فوضى إيجابية، كونها علامة على ولادة أمر جديد، في الطريق إلينا. يحمل الكثير من التباشير والجنى. إن لم تستفد من حالة الفوضى التي تأتي بين حالتين، لا تكون مؤهلاً كفاية لتعيش الحالة الجديدة في الأساس.