«في عام 1961......، تعلمت ألاّ أستهين بالطبيعة أبداً، وتعلمت بعدها أن نكون مستعدين دائماً لأي طارئ، رغم قساوة العاصفة، إلا أنها أظهرت أنبل ما في أهل دبي، من تعاون وتعاضد ووقفة واحدة وقت الشدة.

وعلى الرغم من كثرة الخسائر، إلاّ أنني تعلمت كيف يدير القائد أزمة مفاجئة. وأكثر شيء استوقفني، وما زال، أن أبي بدأ بنا نحن أبناءه وأبناء عمّي لإرسالنا لإنقاذ الغرقى في البحر الهائج قبل أن يرسل أحداً من عموم الناس. حقّاً إن الأزمات تظهر معادن الرجال». من كتاب قصتي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

كأن التاريخ يعيد نفسه خلال الفترة الماضية، أزمة طبيعية قوية الأركان، استعدت لها دولة الإمارات العربية المتحدة بكافة أجهزتها، تترقب وتتابع لحظة بلحظة، لها القوة والحضور في إدارة الأزمات، حتى تبقى الأرواح على رأس هرم اهتمام قيادتها الرشيدة.

سطرت الحالة الجوية مواقف أبنائها المواطنين وحتى المقيمين على أرضها، إغاثة الملهوف ونجدة المحتاج وفزعة العرب ظهرت وامتازت خلال تلك الفترة، يساندون أجهزة الدولة، قاموا بتسخير ممتلكاتهم الخاصة في تلك الأزمة، ترى الطفل والشاب والرجل والكبير مجتمعين في الفزعة والوقوف لإغاثة أي شخص بغض النظر عن جنسيته أو دينه أو عرقه، فهذا ما رسخه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الإنسانية تأتي أولاً وآخراً، فالإنسان لأخيه الإنسان.

لم تقتصر تلك الفزعات على البشر، بل كان للحيوان نصيب منها، قطة على مقبض سيارة متعلقة بالحياة، لعل أن يسخر الله تعالى من ينقذها، وبالفعل فإن العناية الإلهية تحرس وتحفظ ونفوس البشر بإنسانيتها السمحة ورحمتها، قام فرد من رجال البحث والإنقاذ بإنقاذها، ما أجمل الرحمة حين تقع في نفوس البشر، ما أجمل حب الخير حين يجعل الإنسان يخاطر بحياته لاكتسابه. ما أجمل ردود وأفعال أبناء زايد، وهم في تعب وجهد عظيم إلا أن ذلك لم يمنعهم من كلمة طيبة تبث الطمأنينة والأمان في نفوس الجمهور.

يتابع تفاصيل الحالة الجوية مع الجهات المختصة، يكلف الجهات المختصة بحصر الأضرار الناتجة عنها، يطمئن المواطن والمقيم، لم يفرق بينهما، بل تعامل بإنسانيته المشهود له بها منذ صغره، يحمل على عاتقه جلاء هم كل من يقيم على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، إنه سيدي صاحب السمو رئيس الدولة.

دولة الإمارات العربية المتحدة سطرت إنجازاً جديداً في تعاملها مع الأزمات، وبالفعل إن الأزمات تظهر معادن الرجال. استيقظنا في صباح اليوم التالي والشوارع فارغة من المياه والحركة انسيابية، كأن شيئاً لم يحدث، هنا القيادة الحكيمة وهنا رجال الدولة القائمين على أمن وأمان كل المقيمين على أرضها، هنا الإمارات وهنا حكامها وهنا شعبها.