جريمةٌ مرعبةٌ في تفاصيلها، وفي غايات منفذَيها، وعُمريهما، ومنصات تواصلهما، وتسويق جريمتهما، تلك التي حصلت بين شبرا في القاهرة، والكويت.

لمَن لم يتابع الأمر، مراهق مصري يقيم في الكويت، طلب من مراهق مصري في حي شبرا بالقاهرة، أن يقومَ بقتل طفل بطريقةٍ بشعة - وكل القتل بشع! - لكن المراهق (طارق) قتل الصبيَّ ثم صوّره وهو ينزع أعضاءَه مثل الكبد والطحال، ثم شطره قسمين... تفاصيل لا تجدها إلا في فيلم رعب هوليوودي مظلم.

على ذكر الظلام، فقد تبيّن أنَّ الهدف من ذلك، أنَّ المراهق المصري بالكويت طلب من طارق «الشبراوي» أن يفعل ذلك مقابل مبلغ 5 ملايين جنيه، وكان ينوي تنفيذ جريمة أخرى مماثلة... حسناً لماذا يا مراهق الكويت المصري تطلب ذلك؟!

حتى ينشر فيديو الجريمة، أو للدقّة يبيعه، برقم لا نعلمه لجهات لا نعلمها أيضاً.

صار الحديث كلّه عن موضوع «الدارك ويب» أو «الإنترنت المظلم»، الذي هو مسرح ومحرّك هذه الجريمة الحقيرة... فما هو؟

وليد حجاج، الخبير بمجال تكنولوجيا المعلومات، قال لـ«العربية.نت» إنَّ الإنترنت الذي نتعامل معه عبارة عن 3 مستويات، الأول هو المعروف لنا جميعاً، الذي نتصفحه عبر المتصفحات الرئيسية مثل «غوغل كروم» وغيره، وهذا يمثل 3 في المائة من الإنترنت، والثاني ما يُسمى «الإنترنت العميق»، ويمثل نسبة 97 في المائة وبداخله قسم صغير يسمى «الإنترنت المظلم» أو ما يعرف بـ«الدارك ويب»، وهو قسم يتم التداول فيه على المجالات والممارسات المشبوهة كافة.

«الإنترنت المظلم»، كما قال الخبير حجاج، هو القسم الصغير الموجود داخل الإنترنت العميق لا يمكن الوصول إليه بالمتصفحات العادية؛ لأن المواقع التابعة له لا تنتهي بـ«دوت كوم» أو «دوت جي» المعروفة أو «أورج»، ولكن يمكن الوصول إليه من خلال متصفح خاص من الإنترنت المظلم.

هذا القسم تتم من خلاله، حسب شرح التقرير، معاملات تجارة السلاح والمخدرات والدعارة وبيع الأعضاء البشرية، وتسريبات حكومات دول، وبيانات أشخاص، بل يمكن من خلاله التعاقد مع أشخاص لتنفيذ عمليات اغتيالات، ومخططات تخريبية وغيرها، مشيراً إلى أن هذا باختصار هو قسم «الدارك ويب»، الذي تمت الإشارة إليه في جريمة طفل شبرا.

ماذا لو حصل تزاوج، بالحرام طبعاً، بين «الدارك ويب» وما أسميه «دارك غيب» أقصد به الجانب المظلم من الفكر المغيّب عن التداول العلني في وسائل الإعلام وفي حتى «التايم لاين» بمنصة «إكس» أو صفحات «فيسبوك» وغيرها؟!

فكرٌ يعلن صراحة عن تكفير حكّام الدول العربية وكل موظفي الشرطة والجيش، بل وأحياناً كل موظفي القطاع الحكومي، ويدعو لاغتيالهم، ويستبيح دم مَن يرفض فكرهم.

ألا نتذكر معاً جريمة اغتيال مراهقَين توأمَين - بايعا خليفة «داعش» أونلاين - لوالدتهما وأهلهما بدمٍ بارد في السعودية قبل سنوات قريبة؟!

هل نحن على علمٍ بما يُدار من نقاشات ويُرتّب من عمليات في هذه الحارات المظلمة؟!

أقرب سبيل لتقليص مساحات الظلام هذه هو تسليط أشعة الشمس عليها لمحو الظلام واكتساح عيون مصّاصي الدماء.

ذلك يكون بفتح نقاشات جريئة وجديدة ضدّ فكر كل جماعات «داعش» و«القاعدة» وأحزاب الله الإيرانية... نقاش حقيقي يتناول بالنقد أفكارها المؤسسة لخطابها والصانعة لجاذبيتها، دون كلام مزوّق... وهي أفكار مثل: الخلافة، الحاكمية، دار الكفر ودار الإسلام... إلخ.

هل تتيح رئة الإعلام العربي هذا النوع من التنفّس الصحّي؟