يأتي اختيار صندوق النقد الدولي لـ «الرياض» مقراً لمكتبه الإقليمي في إطار العلاقة المتينة بين المملكة والمنظمات الدولية، بل إن هذه الخطوة المفصلية من صندوق النقد الدولي، هي إقرار من هذه المؤسسة الدولية بمتانة اقتصادنا الوطني وتأكيد منها على المكانة التي تتمتع بها بلادنا إقليمياً ودولياً، بعد النجاح النوعي للإصلاحات الهيكلية التي أثمرتها «رؤية 2030»، والصندوق يسعى من خلال مقره الجديد في الرياض عاصمة القرار العربي إلى تعزيز الشراكة مع دول منطقة الشرق الأوسط وخارجها، كما يسعى إلى توسيع نطاق أنشطته في مجال تنمية القدرات، وتنفيذ سياسات تسهم في تحقيق نموذج نمو مستدام ومتنوع في الشرق الأوسط. وسيعمل المكتب الجديد على توسيع نطاق بناء القدرات والمراقبة الإقليمية والتواصل لتعزيز الاستقرار والنمو والتكامل الإقليمي، وبعد ذلك بأيام قليلة، وتحت رعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، انطلقت في الرياض أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، تحت عنوان «التعاون الدولي والنمو والطاقة من أجل التنمية»، وهذا اللقاء هو الاجتماع الأول من نوعه، ويأتي جزءاً من اتفاقية تاريخية بين المملكة العربية السعودية ومنتدى دافوس العالمي.

هنا تذكرت ما قاله «بورغ بريندي»، رئيس المنتدى، «المملكة بوصفها لاعباً مهماً عند تقاطع كثير من اقتصادات العالم، تتمتع بمكانة فريدة للعمل جنباً إلى جنب مع كل من الأسواق المتقدمة والنامية، لتعزيز التعاون بين الجانبين، عطفاً على ما تقدمه في طريق تحقيق الاقتصاد العالمي لأهداف طويلة المدى في مجال التجارة والطاقة والتمويل».

السؤال الحلم
لماذا اختار صندوق النقد الدولي «الرياض»؟ ولماذا «الرياض» دون غيرها من العواصم تستضيف أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي؟، لا شك أن هذه الأسئلة تتقاطع في «الرياض» ومن أجل «العالم»، فقد أصبحت الرياض «منصة» دولية، بل «منارة» عالمية يهتدي بها العالم أجمع، من أجل الإسهام السعودي في معالجة «التحديات»: انتقال الطاقة، التغيرات الايكولوجية، نحول الطاقة، الذكاء الاصطناعي، ظاهرة التصحر، وحرائق الغابات.

إن «الرياض» بهذا الحضور الدولي، أصبحت ولا فخر «رئة العالم» يتنفس من خلالها، أكسجين الحياة والسلام، في مواجهة أعراض «ضيق التنفس» الذي يعانيه بسبب الأزمات والتحديات العالمية المزمنة، والأوضاع السياسية المضطربة وملفات الحروب الراهنة لتبقى الرياض «أيقونة العقل العالمي».