لابد من الإشارة إلى أن هذا موضوع ساخن وباعث على السجال حيث تتعدد الآراء بين تصادم ولقاء. ومن هنا فإنه يستوجب نقاشا مفتوحا وهادئا حوله. وفيما يلي وجهة نظري:

يمكن القول أن بوتين كان اللاعب السياسي الأول دوليا عام 2016. وقد استثمر العديد من الفرص والظروف ولا سيما الفراغ القيادي الأميركي في عهد أوباما الذي انتهج سياسات خارجية همشت الدور الأميركي. وساهمت في انطلاق وتغطرس قوى الديكتاتورية والعنف والإرهاب وفي اضعاف الأداء الغربي على الصعيد العالمي. كما أنه استثمر إلى أبعد الحدود أزمات المنطقة ولا سيما السورية.

وهنا نود القول بأن مشروع بوتين ليس بعث الإمبراطورية السوفيتية الشيوعية كما كانت، فهذا متعذر أولا، وثانيا إن ما يستهدفه هو قيام دولة روسية قوية وواسعة لها دور استثنائي وشأن في كل المسائل الدولية ولكنها دولة اقتصاد السوق وبالاعتماد على الكنيسة التي يلعب بوتين دور حاميها وحليفها خلافا لعداء لينين وستالين للكنيسة. أما ما يلتقي فيه المشروعان بوتين وستالين فهو النظام المركزي الاستبدادي.

لقد لعب بوتين وحاشيته ولا يزالون يلعبون بالمشاعر القومية للروس، ويوظفون اعتقاد جماهير روسية واسعة بأن تفكك الكتلة السوفيتية كانت نتيجة مؤامرة غربية.

وقد رد بوتين الاعتبار للقيصرية التي هدمتها الثورة&البولشفيةومجد بشكل خاص بطرس الأكبر وأعاد الاعتبار حتى&لايفانالرهيب رغم وحشيته وذلك بذريعة انهم بنوا دولة كبرى وقوية. كما مجد ستالين مع المرور خطفا على أخطائه ودون كر عدد ضحاياه الذين بلغوا ما بين عشرين إلى ثلاثين مليون ضحية من روس واوكرانيين وبولونيين وغيرهم. ويتبع أساليب ستالين في الترويس (أو&الروسنة) وفي استغلال وجود جاليات روسية هنا وهناك. كان بوتين كما هو معروف ضابط مخابرات وكانت مهامه الأخيرة في برلين الشرقية. وقد رعاه يلسن بعد انقلابه على&غورباتشيف،&وهو&(يلسن)&من رشحه ليكون خليفته. وفي السنوات الأولى من رئاسته وقع مع بريطانيا والولايات المتحدة على اتفاقية مع أوكرانيا تتضمن تنازلها عن ترسانتها النووية مقابل ضمان أمنها ووحدة أراضيها. ولكنه داس على الاتفاقية بعد سنوات وهاجمت القوات الروسية شبه جزيرة القرم والحقتها بروسيا، وقبل ذلك كان غزو جورجيا واقتطاع محافظتين منها.إن هذه الممارسات تثير قلق أوكرانيا وبولونيا وبقية الجمهوريات التي استقلت عن روسيا السوفيتية. ليس هذا وحسب، بل انما تعرضت له هذه البلدان في عهد ستالين يزيد من هذه المخاوف لاسيما مع العجز الغربي. وفي مقال لي عام 2014، واستنادا إلى وثائق ودراسات هامة، أوردت وقائع وتفاصيل مثيرة عن سياسة&الروسة&الستالينية&ولا سيما في أوكرانيا بالذات. من ذلك قمع كل طلب لتدريس اللغة المحلية إلى جانب اللغة الروسية،&وروسنة&القيادات&الحزبوية&فبلغت نسبة الروس في قيادة الحزب الشيوعي الأوكراني 65 بالمئة.&ونسبة الروس من السكان 52 بالمئة. واعتبر ستالين ان كل دعوة للحفاظ على اللغة والتاريخ الاوكرانيين نزعة برجوازية وأن المطلوب تعزيز سلطة الطبقة العاملة، في حين أن&الروسنة&مخالفة لمبادئ وأفكار ماركس ولينين. وتدل على عنصرية القومية الكبرى.&وقد اعتقل المئات من الكتاب والجامعيين الأوكرانيين وانتحر وزير الثقافة. وجرت ممارسات مماثلة في روسيا البيضاء وغيرها. وبعد اتفاق ستالين وهتلر ضم الأول شرق بولونيا وعمل على&روسنة&السكان هناك. وفي بداية الثلاثينات مات مليون بولوني جوعا بسبب السياسة الزراعية المتهورة لستالين. وفي أواخر الحرب العالمي الثانية أعدم مئات للآلاف من البولونيين من العسكريين والمدنيين. كما الحق بروسيا دول البلطيق الثلاث.

إذن فإن الحاضر والماضي معا يفسران قلق هذه الجمهوريات اليوم من نزعة بوتين التوسعية. وبسبب سياسات أوباما وأزمات وصعوبات الاتحاد الأوروبي وصلت الأمور إلى حد استئثار روسيا بالملف السوري، ما بين قصف ومناورات سلام. واستطاع بوتين ان يكسب لهذا الحد أو ذاك عددا من حلفاء اميركا بالأمس. وقدمت له الانتخابات الأميركية التي تدخل فيها بالقرصنة فرصة ذهبية كبرى بنجاح&ترامب&الذي يكيل الميح لبوتين والذي ليس واضا اليوم أي نهج سيأخذ به في سياساته الخارجية المقبلة، فهو دائم التقلب في تصريحاته.&كما أن مرشح اليمين الفرنسي فرانسوا فيون،&هو الآخر&يعلن أنه سيعمل مع بوتين والأسد. بذريعة&محاربة&داعش.

وهكذا فإن ترحيب فريق من المثقفين والساسة العرب ببوتين في غير محله. فهل هم مع عودة الممارسات&الستالينية&ضد الشعوب الأخرى، أم مع الحكم المركزي المطلق، علما بأن بين هؤلاء من رحبوا حتى&بترامب&لأنه يمدح بوتين. أما كان البعض متفائلا بأن روسيا قادرة على تقزيم دور الشيطان الأكبر فإن هذا الدور في عهد أوباما قد تقزم فعلا. فعن أي شيطان يتحدثون؟؟؟

&

&