إذا فكر الجمهوري دونالد ترامب بعد وصوله للبيت الأبيض بعد أيام، في إعلان الحرب على الإرهاب، والقضاء على تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإخوانية والسلفية الإرهابية، فإنه سيلجأ إلى هذا الأمر دفاعاً عن الولايات المتحدة لحمايتها من إرهاب تنظيم داعش الذي أصبح لا يفرق بين دولة وأخرى، فمثلما يذبح ويقتل ويفجر في العراق وسوريا وليبيا وغيرها من الأوطان العربية، انتقل إرهابه إلى أوروبا وأمريكا، الأمر الذي يفرض على ترامب محاربة هذا التنظيم والقضاء عليه حماية للشعب الأمريكي الذي تعهد بالحفاظ على أمنه واستقراره لدرجة أنه أعلن منع دخول المسلمين إلى أراضي الولايات المتحدة، خوفاً من أي عملية إرهابية تهدد حياة الأمريكيين، وعليه الوفاء بوعوده أمام شعبه..!

أما نحن العرب فعلينا أن لا نعتمد على غيرنا في حربنا ضد الإرهاب، وأن لا نتفاءل أكثر من المعتاد تجاه تصريحات ترامب التي سارت في طريق القضاء على تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية المأجورة، لأن الحل يكمن في التعاون العربي العسكري والمخابراتي لدحر تنظيم داعش الذي أصبح مصدر تهديد للأقطار العربية كافة، لأن ترامب سوف يتبع نفس سياسة بوش الصغير، التي تستهدف حماية أمريكا أولاً.. فنحن نتذكر حرب بوش ضد العراق وأفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر، والتي كان الهدف منها القضاء على أسامة بن لادن وتنظيمه الإرهابي المتمثل في "القاعدة"، وفي نفس الوقت التخلص من صدام حسين انتقاماً منه بشكل شخصي لاستعادة كرامة أبيه بوش الكبير، وكذلك سرقة نفط العراق تحت مرأى ومسمع من العالم، وتدمير جيش صدام القوي لصالح إسرائيل، لتكتمل خيوط اللعبة، وتفوز أمريكا كعادتها ويبقى الصراع الدموي مستمراً في المنطقة العربية..

من هنا علينا أن نفهم أن ترامب إذا قرر القضاء على تنظيم داعش، فإنه يحاول حماية شعبه لا أكثر، كما أن هذا الإجراء قد يكون على حساب المنطقة العربية التي تتحمل ويلات هذه الحرب، التي انتقلت إلى أرضه بسبب الخريف العربي الذي اسقط أوراق الاستقرار من فوق شجرة العرب الوارفة، وجعلها عرضة لعواصف الإرهاب العاتية، حتى كادت أن تسقط من كثرة السهام الغادرة الموجهة إليها..

علينا استيعاب الدرس الذي لقنه لنا باراك أوباما، الذي كان على مدار 8 سنوات حكمه للولايات المتحدة يوهمنا بأنه يتعاطف مع الإسلام، حتى اكتشفنا أنه مهندس موجة الربيع العربي، والمسؤول الأول عن الحالة المتردية التي وصل إليها العرب، نتيجة مخطط التقسيم الذي تبنته الولايات المتحدة وسعت لتنفيذه خلال فترة حكمه، حتى أصبحت منطفتنا العربية بؤرة للإرهاب ولا تقل مأساوية عن بؤرة أفغانستان وباكستان، وغيرها من المناطق التي عبثت بها أيدي أمريكا وجعلت منها ميادين للصراع..

لا ندري ماذا يخبئ لنا ترامب مع إدارته الجديدة، وماذا يخططون للمنطقة العربية، وما هي نوايا هذه الإدارة تجاه الملفات الشائكة بالمنطقة العربية، خاصة سورية والعراق وليبيا واليمن، وغيرها، وهل سنراها تعمل لمصلحتها أولاً على حساب مستقبلنا واستقرار أوطاننا، أم أنها ستتعاون معنا للقضاء على الإرهاب بشكل حقيقي، بعيداً عن حربها الزائفة ضد داعش وغيره منذ سنوات دون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض..؟!

الأيام القادمة سوف تكشف نوايا هذه الإدارة الجديدة نحونا، وكل ما نتمناه أن تعمل لصالح البشرية وتنتصر للإنسان أكرم مخلوقات الله عز وجل على الأرض، بعيداً عن وقاحة السياسة، والتآمر على الأوطان وإسقاطها لصالح أنظمة أخرى، اختارت التجارة بالدماء على حساب حياة الإنسان وصون كرامته.

كاتب صحفي

[email protected]