مؤتمر الحوار والتعايش وخيارات ما بعد الانتصار الذي اعلن عنه السيد نائب رئيس البرلمان العراقي والمقرر انعقاده السبت المقبل بمشاركة عدد من الدول العربية والإقليمية، خطوة إيجابية على المسار الصحيح، مسار الحوار والتفاوض والتعايش القائم على احترام الاخر وحقوقه اذ يبقى الحوار مهما طال امده السبيل الأكثر إنسانية وتحضرا ووطنية حتى اذا كانت النتائج متواضعة فالقطيعة وتمسك كل طرف بما هو فرح به نهج عقيم لا يؤدي الا الى المزيد من الفرقة والتباعد وتعميق الخلافات والتشنج في العلاقات الوطنية والتي يمكن ان تتحول في أي وقت الى ممارسة العنف المنظم ومحاولة الغاء الاخر بالقوة وبالتالي الانزلاق الى القتال الداخلي والحرب الاهلية خاصة في ظل الوضع العراقيالحالي حيث خيارات ما بعد الانتصار ليست كلها إيجابية وهناك تهديدات خطيرة فيما اذا لم تتوصل الأطراف الرئيسة في البلاد الى اتفاق سياسي ملزم يحترم حقوق الجميع وارادته الحرة في تقرير مصيره ويضع الأسس العملية لمشاركة حقيقية في إدارة البلاد وصنع القرار ورفض الهيمنة المنفردة لأي طرف وتحت أي مسمى

لقد اثبتت تجربة العقد الماضي فشلها الواضح في إدارة البلاد واغراقه في لجة من الازمات السياسية والاقتصادية والصراعات الطائفية والقومية وانتشار الفساد بشكل خطير والتراجع الملحوظ في حماية وضمان الحقوق المدنية والديموقراطية المنصوص عليها في الدستور لصالح الأفكار والمعتقدات الرجعية المتخلفة والتي بمجموعها أدت الى اعتبار العراق دولة فاشلة مع كل ما يحصل عليه من معونات دولية وإقليمية وتفاني شعبه في الوقوف بوجه الإرهاب رغم الأوضاع القاسية والمأساوية التي يعيشها

ان أي حوار جاد ومنتج يجب ان يبدأ بالاعتراف بأخطاء المرحلة السابقة والاتفاق على تجاوزها بحلول وطنية موضوعية قابلة للتنفيذ والتطبيق، فلا معنى ولا نتيجة لأي حوار إذا كانت سياسة التهجير وتغيير الواقع السكاني والحصار الاقتصادي لكوردستان وتغليب الهوية الطائفية والانتماء الحزبي على الهوية الوطنية والكفاءات المتخصصة على سبيل المثال مستمرة

العراقيون يتطلعون الى هذا المؤتمر والى المحاولات الجارية لما يسمى بالتسوية التاريخية ولأي محاولة تضع العراق على المسار الوطني الديموقراطي الصحيح بعين الامل والترقب لتحقيق مجتمع يضمن لهم الامن والسلام والرفاه وفرص العمل الشريف والحياة الحرة الكريمة على قاعدة لا غالب ولا مغلوب والمساواة التامة في الحقوق والواجبات

غني عن البيان فيما إذا لم تتبنى مراكز القرار والأطراف السياسية الرئيسة هذه السياسة بجدية فان أي حديث عن بقاء الدولة العراقية ووحدة البلاد لن يخرج عن كونه مزايدة سياسية وحديث خرافة فالتقسيم الموجود على الأرض والذي تغذيه أكثر من جهة سيتخذ شكله النهائي وفق موازين القوى وحجم التدخلات الخارجية ذات المصلحة الامر الذي يعني المزيد من الدماء والدموع.

[email protected]