تشير جميع التوقعات إلى أن عام 2017 سيشهد أسوا مما شهدت السنوات السابقة، ويؤكد معظم المحللين انقسام سوريا، وليس من الواضح لماذا يعتقدون ذلك، إذ تشير الأحداث إلى أن تركيا لن تسمح بإقامة دولة كردية على حدودها، وقد تقاربت مع روسيا حين استشفت هذا الخطر، كما أن الدولة الإسلامية لن تصمد أمام التحالف الذي يحاربها من العراق وسوريا وايران وروسيا، خاصة إذا نفذ ترامب وعده بعدم الانخراط في حروب خارجية دون مقابل. إزاء هذا الوضع يبقى الخطر الإيراني قائما في المنطقة، لكن إيران داعمة لنظام الأسد في ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا، وبقاء الأسد في السلطة وربما تلعب دورا في الحفاظ على وحدة سوريا، وقد أدرك العرب هذا الخطر الإيراني المتفاقم، فعمدوا إلى الاتفاق مع بريطانيا لتشكل هذه الدول معا حلفا استراتيجيا لحماية أمنهم، ولا يخفى على أحد دوافع بريطانيا من هذه الرغبة، فقد خرجت من الاتحاد الأوروبي، وهي الآن تستعد للبحث عن فرص استثمارية واستراتيجية. إضافة إلى ذلك، فإن ترامب لا يبدو ودودا مع إيران كما كانت الإدارة السابقة، وربما يحاول وضع حد لطموحاتها بالهيمنة على المنطقة. أما بالنسبة للطموح التركي بالهيمنة على الجانب السني، فأغلب الظن أن تركيا مرشحة لفوضى داخلية شديدة خاصة وأن قيام اردوغان بتوسيع صلاحياته أثارت سخط العلمانيين الأتراك، وربما يحاولون الإطاحة بحكمه مرة ثانية.

من حهة أخرى، فإن أغلب المحللين متشائمون من رئاسة ترامب مع أن الخراب الذي حل بالمنطقة حدث أيام حكم الديمقراطيين، وربما كانت تصريحات ترامب الفجة دليلا على عدم اتقانه للغة الديبلوماسية ولكنها من حيث المضمون ودلالاته تشبه الخطاب السياسي الأمريكي السابق، إذ لم تكن الولايات المتحدة يوما حريصة على مصالح العرب، بل لقد ألحقت بهم أضرارا لا تحصى ولا تعد على مدى التاريخ.

لم تكن مواقف العرب يوما حكيمة، ومنذ أن احتل العراق ولم يهبوا لملء الفراغ الذي خلفه الأمريكيون بعد انسحابهم، مع أنهم أنسب من ايران وأكثر قربا للشعب العراقي، كانت الإشارة واضحة أن ثمة ما يجري وراء الكواليس، وقد ذكرت التقارير أن برنار لويس، المفكر الصهيوني، هو الذي أشعل مظاهرات ما عرف ب "الربيع العربي"، ولكن التقارير كانت كثيرة ومتضاربة ولم يتوقف عندها أحد، وربما ظن البعض أن الدولة الإسلامية ستكون حائط صد للمد الإيراني، وكانت الخطة تقوم على إشعال حرب طائفية بين المتشددين من السنة والشيعة، فوصل الحال إلى ما نحن عليه.

بالطبع، فإن الأسف والأسى أكبر من الكلمات، وكان الأمل أن العرب وصلوا إلى مستوى متقدم من التعليم والوعي، ولن ينجروا وراء الفتن، ثم خاب ظن الجميع، إذ تبين أن الجهل لا يزال معششا في رؤوس الجميع، وإذا استمر الوضع هكذا، فلن يتوقف الدمار عن حدود. إن على القائمين على الدبلوماسية العربية التنسيق المستمر فيما بينهم، وإعادة مد الجسور، وصحيح أن هناك مخاطرا، ولكن هناك فرصا أيضا ينبغي استغلالها.

كلمة أخيرة، إن التحالف العربي والتماسك والوحدة لا يكلف ربع قيمة اتفاقية دفاع مشترك واحدة بين أية دولة عربية ودولة عظمى.