من كان يصدق أن هنالك مجتمع يرفض التغيُّر ويحكم على نفسه أنه غير قابلٍ للنهوض ومواكبة التطور، الركون المبرمج لأنظمة فتوى الصحويين هو الذي خلّد لنا مجتمعاً غير قادر على الحركة إلا بمراجع وفتاوى ماهي إلا اجتهادات ضجوا بها حتى يحكمون الناس بآرائهم فكأنها عصا الساحر من خلالها يستطيع أن يحكمهم بأن يذهبوا يميناً أو يساراً والأمر كله متوقف عليهم .

‏أغلب الخلافات ناتجة عن اختلافات الرأي على طاولة بين فريقين متطرفين دينياً ومعتدلين وفي الأخير يحكمهما العقل، فالتقسيم نتج عن عنصرية ونرجسية دعاة الضلالة والتهويل الذين ينفخون الفتن عبر صفحاتهم ويدربون صغار تلاميذهم على كيفية الصراع والقضاء على المتزن دينياً لينتهي بهم الأمر بشرعنة التكفير وتحل عليهم، إن المساس في قضية التفكير سلاح استخدمه متشددو الجماعات الإسلامية التي خرجت على حكام الدول وكفرتهم واستباحت دمائهم، فماذا قال زعيم تنظيم القاعدة الذي كان ينادي بإقامة إسلام جديدٍ بالتكفير ثم القتل ومن كان يُؤيد هذا الزعيم السلفي أسامة بن لادن من دعاتنا الذين نراهم اليوم يسخرون ويقيمون خلافات الرأي من أجل أن يجعلوا المجتمع ساحة قتال فكرية ثم ماذا بعد ؟! من يُؤيّد زعيم القاعدة فهو الداعية السعودي الأجدر بنظرتهم المحدودة !؛ فهل يستحقون كل هذا الإهتمام في شؤون حياتنا، إن شريعة التكفير شريعة معادية للإسلام في الذين يكفرون المسلمين انفسهم، وماذا بعد الخوارج عندما نادوا بالإسلام الصحيح الذي يقرأ في علمهم الأسود الدين الإسلامي تكفير ثم استباحة الدم حتى يتسنى لهم القتل فهم يعثوا في الأرض فساداً ويقتلوا ويعذبوا والتصريح هو بموجب فتوى تكفيرية .

‏يتصيد المفكرون في كتاب الله عز وجل حتى يجدون مبرراً لفتواهم التكفيرية، فكن مفكراً إسلامياً حتى تستطيع تكفير من حولك فهذه متلازمة المتطرفين الذين يغلون في عقيدتهم المبسترة بمنهج السلفية والتي تبيح قتل أخيك المسلم السنِّي لمجرَّد أنه خالفك الفكر، فهناك مفكرين متدينين كفروا حتى أهاليهم ووالديهم بعد ما غاصوا في المنهج التكفيري فكان هناك مفكر متدين ألحد بعدما شاب شعره واقشعرَّ بدنه ، فالتفكُّر يؤدي لأحد الخيارين: فإما تكفير من حولك أو تذكرة للخروج عن الأديان ويصبح العقل حراً من عقدة الديانات ويصبح العقل ملحداً فالإعتدال هو المضاد لكل هذه المناهج الدينية .

‏أحمق من يظن أن مقولةً ستصبح سائدةً وتعمم فيما قال : " الدين الذي لا يكفر ليس بدين" هي لا تفسر بأن يكفّروا الذين لا يعبدون الله فقط بل بمعنى آخر أن يكفّر المسلم أخيه المسلم ، كما حصل مع الفنان السعودي ناصر القصبي كفر وفسق بعدما هُتك بالزندقة من قبل داعية ثائر على المنبر فهنا جريمة يحاسب عليه قانون العقل قبل الدين حتى لو وجدت ثغرة تلتمس العذر لهذا المجتهد الصغير بعد أن كفر وقذف نساء سعوديات العاملات ينبغي محاسبته حتى يكون عبرةً فلسنا بحاجةٍ لمزيد من الفوضى في مناهج الفتاوى التكفيرية فهي تحلل القتل ويصبح القاتل بريء كما تفعل داعش وأخواتها، و واتعوذ بك يا لساني لو كنت مكفِّراً لأحد .