اعلان الولايات المتحدة عن قرب نهاية حكم عائلة الاسد في سوريا لم يكن خطأ مطبعيا او غلطة غير مقصودة، انما تصريحا مدروسا بدقة ومحسوبا على المليمتر كما درج ان نقول في لغتنا العامية عن الشخص الذي يخطط بدقة. نهاية حكم عائلة الاسد في سوريا لا تعني نهاية حكم الاقلية العلوية في هذا البلد الذي حافظ على توازنات مذهبية واثنية خلال اكثر من 40 عاما ولا يخفى على احد ان حكم العلويين لسوريا جاء بمباركة الغرب والعرب معا وهناك من مولهم عربيا.
الادارة الاميركية الجديدة كانت تستطيع عند هجوم خان شيخون الكيماوي، الذي نفذه النظام السوري بحسب تقرير الامم المتحدة، ان تنهي هذا النظام وتسلمة للفئات المتصارعة ليزداد الصراع وتعم الفوضى اكثر مما هي عليه الان في هذا البلد.
ادارة ترمب تنسق مواقفها في الشرق الاوسط مع الدول العربية المعتدلة بقيادة العربية السعودية من جهة ومع اسرائبل من ناحية ثانية وتحاول عدم المواجهة مع روسيا من الناحية الاخرى.
في هذه المرحلة الدقيقة من الوضع السوري ان الاوان وهكذا يبدو من التصريحات والتسريبات المقصودة وغير المقصودة، لتغيير بيت الاسد في حكم سوريا والحديث عن نهاية حكم ال الاسد هو رسالة للعلويين، والذين يشكلون نحو 13 % من سكان هذا البلد، البحث عن بديل لبشار الاسد واخوانه واقرباءه وتقديم قائد جديد يكون مقبولا على جميع الاطراف الفاعلة على الساحة السورية من الخارج ومن الداخل في ظل تشرذم المعارضة وتشتتها بين داعش والقاعدة الى الجيش الحر. فبشار الاسد وبحسب طريقة عمله وتصرفه في السنوات الست الاخيرة، كما تراها ادارة البيت الابيض، انه لم يستمر على طريق سلفه وادخل ايران الى عمق نظامه واصبح "خبراء" حرس الثورة الخمينية وفيلق قدس اصحاب البيت واهل البيت السوري. وهناك من يقول انه لم تكن للرئيس السوري خيارات اخرى الا ان ذلك ليس دقيقا، فكان يستطيع الحفاظ على خيط العلاقات المتين بين عائلته وبين المملكة العربية السعودية كما كان ابان حكم والده حافظ الاسد، الا ان بشار فضل قطع ذلك الخيط عندما نكث عهده للملك الراحل عبد الله ابن عبد العزيز بانه لن يمس الرئيس رفيق الحريري، وبطواعية ربط حبل جديد حول عنقه هذه المرة مع ايران الخمينية وولاية الفقيه. ويقال انه في سنوات حكم حافظ الاسد وبعد وفاة الابن باسل، وعندما بات الاب يشعر باقتراب نهاية حياته، قام بارسال بشار طبيب العيون والمرشح لخلافته الى الرياض لعدة اشهر ليتعلم هناك اسس الدولة والبروتوكول وادارة المؤسسات وبقي هناك نحو ثمانية اشهر.
في هذه المرحلة الدقيقة وبتفاهم اميركي سعودي روسي يمكن القول ان الباب اصبح مفتوحا لقائد علوي جديد او من اقلية اخرى مثل الاكراد او الدروز ليترأس مجلسا عسكريا وسياسيا مؤقتا الى حين ترتيب نظام الحكم القادم في سوريا.
الولايات المتحدة وحلفاءها يعون تماما انه في حال ظهور قائد جديد فان تموضع ايران في سوريا سيتضرر كثيرا لان المرحلة المقبلة مرحلة اعمار واعادة بناء وهذا ما تستطيع السعودية ودول الخليج المساعدة فيه بشكل كبير اما ايران فهي تستطيع فقط، ان تبني مصانع الاسلحة وتزويد الصواريخ والخبراء بفنون القتال والتعذيب ولن يكون لها دور في بناء سوريا جديدة واعادة تأهيل المدارس والجامعات مثلا، فهي تريد الجيش السوري ميليشيا مثل حزب الله في لبنان يخدم نظام ايران الخمينية عند الحاجة.
في وقت الاعمار واعادة البناء لا مكان لايران لذلك فهي تسعى لابقاء بشار الاسد على رأس الهرم وتهيء شقيقه ماهر ليكون معه او بدله وقت الحاجة وتحاول اقصاء كل شخصية علوية لها تأثير، ولا تريد بديلا اخرا لا يلائم تطلعاتها في المنطقة وهذا ما يقلق الحلفاء الروس الذين كانوا اذانا صاغية لمثل هذه المقترحات والتي سمعوها من الملك سلمان والاميركين وفي تل ابيب. 
التحركات الاخيرة للسعودية والولايات المتحدة وروسيا تدل على ان وراء الاكمة ما وراءها وصفقة الشرق الاوسط التي يتحدث عنها الرئيس الاميركي ترمب أصبحت قريبة اكثر من ذي قبل.
ويمكن القول إن استقالة رئيس الحكومة اللبناني سعد الدين الحريري من الرياض تأتي في اطار الجهود الرامية لصد التمدد الإيراني في المنطقة. والاستقالة جاءت لسحب بساط الشرعية من حزب الله الشريك في الحكومة من جهة ويمتلك ترسانة اسلحة وصواريخ ايرانية في لبنان من ناحية اخرى ويشارك في الحرب السورية من جهة ثالثة.