ليس بالضرورة أن يكون التقرير متوافقاً مع منهجية وإستراتيجية فريق إعادة الشرعية الأحوازية بقدر ما هو معلوم بالضرورة أهمية الإجابة على مجموعة من الإستفهامات حان توقيت طرحها على الساحة العربية، وخاصة مع بداية عام 2018.
تأتي أهمية التقرير بعد ثلاث إشارات دولية تشير نحو الأحواز، والتي بدأت بلفت المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة السيد عبدالله المعلمي الأنظار نحو الملف الأحوازي، ثم مطالبة مستشار الرئيس الأمريكي السيد وليد فارس بدعم الأحوازيين. بينما نشر موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية مقالاً للباحث الدكتور إيدي كوهين يطالب العرب بدعم خارطة الطريق التي رسمها الأحوازيون بأنفسهم دون غطاء إقليمي أو تأييد دولي. كما أشار الدكتور كوهين لـ(فريق إعادة الشرعية) الذي استطاع أن يزّج ملف بلاده المُحتلة منذ عام 1925 بين أروقة المنظمات الدولية.
الأسئلة المُراد طرحها: (أولاً) ما هي أسباب صعود فريق إعادة الشرعية الأحوازية حالياً؟ (ثانياً) ما هي مواطن الشراكة الأحوازية الإسرائيلية؟ (ثالثاً) ما هو مستقبل القضية الفلسطينية بعد الشراكة الأحوازية الإسرائيلية؟.
أولاً: لا شك أن السبب الرئيسي لإنطلاق فريق إعادة الشرعية الأحوازية وكافة الفصائل الأحوازية هو نضال الشعب الأحوازي الذي لم يتوقف منذ عام الإحتلال 1925. ولكن ترجع أسباب التأخير إلى أن القضية الأحوازية مرّت بأربع مراحل كادت أن تُلقيها حتفها: (1) المرحلة القبلية: وهي مرحلة المقاومة الشعبية وفق الأسس القبلية الفاقدة للمنظومة السياسية والقانونية، وغير المُدركة للواقع السياسي وتقلباته حينذاك. (2) المرحلة الحزبية: وهي مرحلة إنخراط الناشطين الأحوازيين في العمل الناصري، ومن ثم تجنيدهم في الحرب العراقية الإيرانية. والحقيقة التي أدركها الأحوازيين بعد ذلك بأنهم كانوا أشبه بالأدوات الناصرية ثم الصدامية التي استخدمت فيها الهوية الأحوازية لصالح مشاريع لا علاقة لها بتحرير الأحواز من قريب أو بعيد. (3) المرحلة الإخوانية: وهي المرحلة الحرجة التي لم يشارك فيها الأحوازيون لإيمانهم قناعةً بأن حركة الإخوان المسلمين ليست إلا أداة إيرانية لترسيخ العقيدة الفارسية في بلاد العرب. ويُمكن القول بأن هذه المرحلة كادت أن تكون النهاية الحقيقية للقضية الأحوازية ونضال شعبها. حيث استطاعت الحركة الإخوانية بالتعاون مع بقايا اليسارية والناصرية وبدعم لوجستي إيراني فرض الهيمنة الفكرية على العرب تحت غطاء المقاومة ضد الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية. وبعد أن أدرك ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد خطورة هذا المشروع، وما إن لحق به الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان حتى تناثرت المرحلة الإخوانية مع ما تبقى من اليساريين والناصريين.
نحن اليوم أمام مرحلة جديدة؛ وهي حوار الأديان أو كما قالها ولي العهد السعودي بأن جميع الأديان السماوية كانت تحظى بإحترام وتقدير في جزيرة العرب. مرحلة بدت ملامحها بأول زيارة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي شملت الدول الراعية للأديان السماوية الثلاث (السعودية، إسرائيل، الفاتيكان).
إذاً.. فريق إعادة الشرعية الأحوازية ليس وليد اللحظة، وإنما هو مخاض لأكثر من تسعين عاماً عاشها الأحوازيون وسط أفكار مُستوردة من الشرق الشيوعي التي استبدلت الحلول السماوية بمفاهيم المقاومة اليسارية، مما أعطى الفرس أولوية القربى مع العرب على حساب الأحوازيين ومظلوميتهم.
ثانياً: حول مواطن الشراكة الأحوازية الإسرائيلية؛ إن الشعب الأحوازي ينظر بعين الجدية إلى أن التوجه نحو أتباع الديانات السماوية هو السبيل الوحيد للتخلص من الإحتلال الفارسي الذي قام على المعتقدات الفارسية غير الدينية، وهذا هو موطن الشراكة الرئيسي. كما يُدرك الجميع بأن الشراكة مع فريق الشرعية الأحوازية له العديد من الجوانب الإيجابية بحكم الواقع الجغرافي والتاريخي على الترتيب: (1) القدرة على إحتواء الشيعة العرب وخاصة شيعة العراق، وإعادة تنقية التشيع العربي من الأفكار الفارسية. (2) البدء بدعم تحركات البلوش والأكراد على الساحة الإيرانية.(3) تشكيل أول سياج أمني يفصل بين العرب والفرس. (4) أولويات الشراكة الإقتصادية حيث الثروة الضخمة التي تمتلكها الأحواز العربية والتي تُضاهي أضعاف ثروات إيران.
ولكن ما هو المطلوب من جميع الدول المذكورة أعلاه هو العمل على تهيئة الساحة الدولية عبر الإعتراف بالشراكة مع فريق إعادة الشرعية الأحوازية، وذلك تمهيداً للإعتراف الدولي بأن الشراكة مع الشعب الأحوازي هو المثابة الحقيقية لمواجهة التحديات القائمة على التطرف الفكري وتجفيف منابعه الفارسية. 
ثالثاً: حول مستقبل القضية الفلسطينية ومبادرة السلام العربية بعد الشراكة الأحوازية الإسرائيلية؛ فالأمر لن يتجاوز ما قدمه العرب من دعم للفلسطينيين، فمن يقود فريق إعادة الشرعية الأحوازية هو الشيخ علي الخزعل الكعبي. ولكن على الفلسطينين أن يدركوا بأن المعطيات الإستراتيجية التي كانت قبل تسعين عاماً لم تبق على حالها كما هو الآن من حيث: (1) أن أدوات التحرير التي انطلق منها الفلسطينيون كاليسارية والفارسية اندثرت ولم تعد موجودة على أرض الواقع، وعلى الفلسطينيين الإلتفات نحو المرحلة الجديدة. (2) أن القضية المركزية للعرب لم تعد الأرض بعينها بقدر ما هي الهوية العربية والإسلامية ومُكتسباتها العالمية وتحدياتها أمام الفكر المتطرف. (3) أن مبادرة السلام العربية الإسرائيلية يجب أن تنطلق من التفاهمات الدينية، وأن لا تكون سلعة إستهلاكية للمد غير العربي وغير الديني إلى بلاد العرب. 
خلاصة القول.. القضية الاحوازية ليست بصدد المقارنة مع القضية الفلسطينية، ولكن الشعب الأحوازي لم يعد يقبل أن تكون أدوات تحرير الأرض الفلسطينية هي ذاتها أدوات طمس الهوية العربية والإسلامية في الأحواز وفي كافة البلاد العربية، والتي كانت سبباً لضياع العراق وسوريا واليمن. كما أن الأحواز هو البيئة الخصبة لأن يكون محطة التصالحات الدينية السماوية، لإنطلاقة جديدة من عاصمتها شرق الخليج العربي كالسد المنيع أمام المد الفارسي وكافة الأفكار اليسارية التي اعتقدها العرب بأنها هي الدين الإسلامي.