اقدم الرئيس دونالد ترامب علي الخطوة التى تأخرت منذ عام 1995 علي أثر إصدار الكونجرس لقراره / قانونه الشهير بضرورة نقل سفارة بلدهم من تل أبيب إلي القدس بما يعني الإعتراف بها عاصمة لدولة أسرائيل .. والتى وصفها هو في خطابه بانها " تأخرت جداً " وأنها تعكس " واقعاً ملموسا علي الأرض " .. 

اقدم علي الخطوة وهو يعلم ان قراراه متعارض مع قرارات منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1948 وإلي اليوم ، ويتنافي مع مفهوم وبنود القانون الدولي واتفاقية جنيف الأربعة التى لا تسمح للدولة المحتلة بأي تغيير جغرافي أو سكاني أو تاريخي أو حتى إجتماعي لطبيعة الأرض التى تحتلها .. 

قبل خطابه يوم الإربعاء السادس من الشهر الحالي ، سمعت واشنطن تحذيرات من قيادات عربية واسلامية واوربية لها وزنها .. ووُجهت إليها نصائح بتأجيل هذا الإعتراف إلي ما بعد التوصل إلي جدول وآلية تحقيق السلام بين الطرفين الفلسطيني / الإسرائيلي لأن قضية القدس سوف تكون بكل المقاييس في مقدمة أية مفاوضات ستجري بين الطرفين .. 

وبعد الخطاب .. 

تابع العالم موجات وبيانات الرفض والتنديد والشجب والإستنكار .. 

وقرأ علي وسائل التواصل الإجتماعي الأوصاف والنعوت إلي قيلت في حق ترامب من منطلق انه " جاهل وأفاق " مرة ، وأنه " لا يعرف الف باء السياسة الخارجية الأمريكية " مرة ، وأنه " يصفي مشاكله الداخلية علي حساب علاقات بلاده الخارجية " مرات .. 

وكشف العديد من المحللين أنه يحيط نفسه بمجموعة من المستشارين اليهود الذين يزينون اتخاذ قرارات لمصلحة إسرائيل علي حساب مصالح أمريكيا في العالمين العربي والإسلامي وعلي مستوي الحلفاء والأصدقاء خاصة في أوربا .. 

وشاهد المظاهرات والإحتجاجات والإعتصامات والمصادمات الدموية بين أبناء الشعب الفلسطيني بكل أطيافه السياسية وقوي الاستعمار الصهيوني العنصري غير الإنسانية المعادية لحقوق الانسان .. 

وإرهف إذنيه للخطب الحماسية من جانب الطرف الفلسطيني شجباً للقرار وتهديداً بما سينجم عنه من أضرار ستلحق حتماً بالمصالح الأمريكية هنا وهناك .. 

واستمع بتركيز إلي الكلمات القليلة التي تقطر سماً التى رحب بها نتنياهو بالقرار .. 

وتعرف علي البيانات والقرارات الختامية للمؤتمرات العربية والاسلامية التى عقدت بهذا الخصوص .. 

وهو الأن يتساءل معنا .. وماذا بعد ؟؟ .. 

من جانبنا نقول .. 

ليس هناك ما يُنبأ بقرارت قطع علاقات دبلوماسية بين عواصم عربية وإسلامية مع واشنطن ولا حتي بتخفيض مستوي التمثيل ، وإذا اقدم بعضهم علي هذه الخطوة فلن يتعدي عددهم أصابع اليدين .. 

ليس هناك ما يشير إلي الإمتناع عن تقديم الخدمات علي مستوي الموانئ البحرية والجوية العربية لوسائل النقل الأمريكية ، وإذا وقع فسيكون في أضيق الحدود .. 

حتى التصريح الفلسطيني برفض مقابلة نائب الرئيس الأمريكي خلال زياته القادمة للمنطقة ، قوبل بتهديد وعنصرية امريكية بغيضة زادت الموقف تعقيداً بدل ان توقد شمعة أمل في نهاية النفق الذي وضع فيه ترامب القضية الفلسطينية ..

ولن يسعي أي طرف عربي أو إسلامي إلي وقف العمل ببنود الإتفاقيات الإستراتيجية بينه وبين واشنطن .. حتى إتفاق أوسلو التي يطالب البعض بالإنسحاب منه !! لن يتقلص ولن ينكمش .. 

ماذا في يدنا علي وجه التحديد ؟؟ .. 

الوضع الحالي يفرض علي الطرف الفلسطيني الأكثر تضرراً بقرار ترامب أن يعمل علي عدة جبهات .. 

الأولي .. نضالية داخلية علي مستوي الضفة والقطاع .. تسعي لزلزلة الأرض تحت أقدام الإحتلال وحرمانه من الإستقرار الذي يتمتع به شعبه .. ربما يكون في الإمكان توسيعها لتشمل الأشقاء الفلسطينيون في الداخل الإسرائيلي بشرط ان تكون سلمية علي كافة المستويات .. 

الثانية .. دبلوماسية تسعي جاهدة منفردة وبمساعدة عواصم عربية وإسلامية إلي توسيع قائمة عدد الدول التي تعترف بفلسطين ، بهدف تشكيل جبهة دولية تعمل بالتنسيق مع العواصم العالمية كباريس وموسكو وبكين علي تعزيز المواقف الداعمة لعودة جلسات التفاوض بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي .. 

ثالثا .. توسيع قاعدة النشاط السياسي الرسمي عبر المنظمات الدولية لكشف المآسي الهائلة التى يتعرض لها جميع فئات الشعب الفلسطنيى والتعريف بحجم ما يتعرضون له من سياسات إحتلالية غير انسانية وتطبيقات عنصرية يجب ان يقدم القائمون بها إلي المحكمة الجنائية الدولية ..

أما علي الجانب العربي .. 

فلابد من تجميع القدرات الإسلامية الفعالة والإيجابية إلي جانب الإمكانات العربية ذات الخبرة التراكمية علي امتداد العقود الستة الأخيرة لتعزيز الفعل الفلسطيني النضالي والسياسي والدبلوماسي عن طريق الدعم المادي والمعنوي وعلي مستوي الساحات الإقليمية والدولية .