‏الموسيقى دواء متواجد دائمًا في صيدليات الحياة الذي يوصي به دكاترة علم النفس، حيث أنَّ مفعولها سريع لتهدئة الأعصاب فمن الذي لا يسمع الموسيقى ولا يسترخي ويطلق العنان عند سماعها وبها تتبدد زحمة الأفكار ويُنصح بها أيضًا عند انتقاء الحلِّ لاتخاذ القرار ، فهي الوصفة السحرية التي قد ينسى كثيراً منا وبالأخصِّ بعض الأطباء تعمدًا على أنها ليست دواء من كل داءٍ نفسيٍّ أو حتى سلوك عدواني ، الموسيقى تعلمنا حب الحياة والمصالحة مع النفس ومصافحة العالم الذي يحتويه .

إن للموسيقى عناوين كثيرة لا نستطيع اختزالها في موضوع واحد فكل الفنون لا تستغني عنها لأنَّها لُبُّ الفنِّ والأذن الصمَّاء التي تهمل بوجود كلمات الشاعر والصوت ، الموسيقى إحساسٌ ينبع من أنامِل حيَّةٍ تترجم بعناء من لحن مقيم في محيط الفن تشرنقه فلا غِنى عنها . 

‏يحتاج العالم العربي أكثر من جلسة نفسية مُدعَّمة بالموسيقي حتى تغتال التطرُّف والعدوان الذي قلب بعض أراضيها بالعدائية والحروب الناتجة عن حدة التطرف والإرهاب الذي يُضادُّ السلامة والحب ، ولم يَنْتُج عن ذلك الإرهاب النفسي والسلوك العدواني سوى تبلُّدٍ في الأحاسيس والشعور بالأوجاع والإنسانية الغير مُفعَّلَة في أفئدتهم ؛ وعلماء النفس لهم وقفةٌ عميقةٌ مع مرتكبي تلك الجرائم الذين يقتلون بدون أدنى إحساس من هولِ وعِظم ما ارتكبوه وهو ناتج عن تبلدٍّ تام لديهم فما أشنع من الجرائم العالمية التي سُجِّلت وصَعُب التعرف على نوع الإرهاب فيها بدقة وما شوهد من مذابح وحشيَّة وعنف تتمزق منه الأرواح ومن ذلك الجرائم المرئية التي تسلسلت في يوميات داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة فكرياً ، القلوب الهشَّ لا تتحمَّل مشاهدة الحيوان وهو يُنحَر فكيف بُنيَت قلوبهم على هذه القسوة لدرجة تمزيق أجزاء جسد الإنسان وهو حي ، و كيف لهم تلك الوحشية وهم يقومون بتعذيب الأطفال .!

الإنسان الوحشي مصاب بمرض السادية ففي علم النفس تم تصنيفها بأنَّها من الأمراض الصعب علاجها والتعايش معها فشخصية السادية تتفنَّن في تعذيبها للآخرين ، " ويوضح أن هنالك حالة متلازمة مع السادية أحيانا وهي الماسوشية فتسمى (السادوماسوشية) لأن العلاقة القائمة بينهما وثيقة كون السادي والماسوشي يستمتع كلاهما بالألم وإن كانا يختلفان في استهدافهما إذ أنَّ الأول يستمتع بإيقاع الألم على الآخرين والثاني يستمتع بإيقاع الألم على نفسه من قبل الآخرين ومع ذلك فإنَّ كلا الحالتين بالإمكان تواجدهما في شخص واحد " . 

‏الموسيقي علاج للإكتئاب وتهذيب للنفس يقشعِرُّ الجلد عند الاستماع لها وينصح الكثير من أخذ جلسات موسيَّقيةٍ يوميَّة كي لا يتولد لدى الفرد تَصرُّفٌ حادُّ في التعامل أو غضبٌ ينتج عن ضغوطات الحياة .

فنحتاج أن نتعلم الموسيقى في مدارسنا حتى لا يصاب هذا المجتمع برخام التطرف والسلوك وحتى يضمن لدى الكل السَّلام الداخلي وحب الحياة فهو المضاد للفكر الضال والسلوك الوحشي ، فلا شيء يحرِّم الموسيقى إلا عقد نفسية ولا يوجد دليل لا في القرآن ولا السنَّة حتى يخشى منها ، ولنا في رأي هاوي الموسيقى الصحفي الكبير العمير عثمان عندما قال : "الموسيقى جزء لا يتجزأ ..ومن أسباب تخلفنا وتأخرنا هو عدم اهتمامنا بالموسيقى، عندما تكون الموسيقى أسفل الدرجات يتحولون كشعوب تسير كالأغنام" ، لولا الموسيقى لما برع المغنُّون في جذب المستمعين ، ولولا الموسيقى لما سمعت هاتفك يرن بنغمة من نغماتها ، ولولاها أيضاً لما سمعت بوريّ سيارتك يطنّ وحتى جرس بيتك بها ، فحياتنا تعتمد على نغماتها حتى لو لم تكن تستمع لها وتنصت ، وقبل هذا كله لايقرع السلام الوطني إلا بموسيقى.. فعلينا أن نشعل الموسيقى في وجه المضطربين نفسياً والمختلين في توازنهم مع الحياة إما لقلقٍ أو بالٍ مشغول أرهقه التوتر ونوبات الهلع، ألقاكم في جلسة موسيقية قريباً .

كاتبة سعودية