مساء البارحة

جلست مع صديق امريكي

قال لي :

تصدق يا صديقي .. مشكلتكم ايها الشرقيونأنكم تتكلفون العيش في الحياة .. ولا تعيشون كما يجب ان تكونوا !

قلت له : كيف يا صديقي ؟

قال :

مشكلتكم انكم تعلمتم او تربيتم انكم ملائكة فيالعلن ... و لكم الحق ان تكونوا شياطين فيالسر !

ترفضون الاعتراف انكم بشر تخطئون وتصيبون.. برغم انكم اكثر من يخطيء وأقل من يصيب ..وأجبن من يعترف بالخطأ !

ولو اعترفتم بأنكم بشر .. لاستمتعتم بحياتكم ...

كل واحد منكم :أبو ذئب

وهو : أبو بطة

أبو نمر

وهو أبو نعجة

بعضكم : نصف رجل

ويمثل : عنترة

قلت : أف ... أتعرف عنترة ؟!

قال : وعبلة .. بعد

قلت : والله .. انك صادق .. في نقدك !

واستمر قائلا :

نحن اشجع منكم .. لذلك وصلنا سطح القمروانتم لم تتعدوا حدود جهلكم

لأننا قبل أن نصل الى القمر .. تعرفنا علىانفسنا واعترفنا بممارساتنا .. التي نعتبرهاجزءا من حريتنا .. وليست عيبا .. مثلما تحللونهاسرا وتحرمونها علنا !

أتعرف أنه لا يصل للقمر والمريخ إلا مغامر ؟!

أنتم تخشون المغامرة لأن أمهاتكم كن يقصصنعليكم قصص الخوف والغولي قبل أن تناموا ..فتتحول أحلامكم الى كوابيس !

قلت : هاااه .. ااااه ... مااااه .. صح .. وشدراك ؟!

قال : مابك ... هل جننت؟!

قلت : لا ... ولكن أنتم لم تذهبوا للقمر ... لأنيرأيت احد علماءنا الربانيين يشرح على كأسماء نظرية عظيمة .. ويفضح زيفكم !

قال ساخرا : ههههههه ... أحد علماءكم؟!

ومتى كان عندكم عالم فضائي ؟!

قلت : هاااه ... ااااه ... مااااه

قال : شفيك؟

وحين شعر بعجزي قال :

شوف.. يا صديقي .. الحياة جميلة.. عشلحظاتها واستمتع بها .. لأنها هدية الهية ... كنانت .. وكما تريد .. دع عنك التكلف والمتكلفين... فوالله لم أجد أناسا تضيع حياتهم فيالتكلف والكذب .. يشبهونكم !

قلت : ماذا تقصد ؟!

أنت .. زودتها

فضحك بعنف وقال ... اقول :

بلاش هياط ....

ونطق هياط بلهجة عربية محلية صافية

قلت : يعني ... كاشفين امورنا؟!

قال : كاشفينها وبس

ثم .. خاطبني بلهجة مصرية :

دنتوا .. ناس .. لكم الف .. وش .. ووش ..

قلت ياساتر ... وش دراك؟!

قال :

قبل قليل ... انت تمثل ملاكا .. وترفض انتعترف بأنك بشر.

ثم استمر ساخرا:

قبل قليل.. كنت تستغفر الله .. و تسبني.

قلت : يا شيخ .. أنا ؟!

قال :

إيه .. كنتَ تقول : لعنكم الله... ثم تقول ..استغفر الله !

قلت : ليس .. أنا

قال : أجل من هو ؟!

قلت : الشيطان!!

وفجأة .. كانت فتاة جميلة تتخاصم مع حبيبها ..وتبكي بحرقة .. وهو يتألم ولم يقدر على تهدئتها..

قلت لصديقي لماذا لا نساعدهما على حلالمشكلة.. يبدو أنهما عاشقان جميلان .. وأناأحترم العشاق.

واقتربنا منهما .. وقد أذهلني جمال الفتاة برغمانهمار الدموع على خديها .. وتذكرت العبقرينزار وهو يصور إمرأة جميلة باكية .. ويقول :

إني أُحبكِ عندما تبكينَ

وأحبُّ وجهكِ غائماً وحزينا

الحزن يصهُرنا معاً ويذيبنا

من حيث لا أدري ولا تدرينا

تلك الدموع الهاميات أحبها

وأحب خلف سقوطها تشرينا

بعض النساء وجوههن جميلةٌ

وتصيرُ أجملَ عندما يبكين

طبعا... يذهلني البيت الاخير لنزار :

بعض النساء وجوههن جميلة

وتصير أجمل عندما يبكين

قال لي صديقي :

مابك .. خرست عن الكلام ؟!

فقرأت شعر نزار وأنا أتأمل في وجه الفتاةالجميلة والدموع تتساقط حتى تبلل شفتيها لترسم ملحمة فرح بماء حزين ...

وضحكت الفتاة مسرورة .. وضحك حبيبها ...ولعنني صديقي وقال :

لعنك الله .. كم أنتم رائعون .. سحره .. عندماتتخلصون من التكلف .. والخبث .. والمكيدة .

ثم قال وهو يقهقه بغرور :

لو أخلصتم في حياتكم بصدق مثلما تخلصون للخديعة .. لحكمتم العالم كله !

ثم علق بخبث : ألستم أكثر شعوب الأرضتصديرا للخونة والعملاء ؟!

وضحكنا .. وذهب العاشقان يضحكان معا !

تركا لنا الحسرة

وسرقا .. خلاصة شعر نزار ....

تأوهت بحرقة وأنا أردد :

آآه .. يا نزار .. ما أصدقك

وكم أحبك !!!!!

٢٠١٧ م

[email protected]