اعتاد الناس على ترجمة كلمة sophisticated ب "معقد" وهي ترجمة غير صحيحة، إذ أن الكلمة تعني دقيق ومركب وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية soph التي تعني الحكمة ومنها اشتقت كلمة فلسفة، أما كلمة معقد فهي تعني complicated وتحمل معنى سلبيا، بينما sophisticated تحمل معنى إيجابيا ومحببا. وكلما كان تفكير الإنسان دقيقا ومركبا، كلما كان أكثر تطورا وتنظيما لحياته، وتمكن من الابتعاد أكثر في حساب سلسلة الأسباب والنتائج، والعكس صحيح، فكلما كان تفكير الإنسان بسيطا، أخفق في الابتعاد في ربط الأسباب بالنتائج والتوصل إلى طرق مبتكرة في تحقيق الأهداف. 
يتسم التفكير العربي بالبساطة والعجز عن الابتعاد في الربط، لدرجة أن الرياضيات والفيزياء لا يزالان من العلوم التي يعزف عنها الشباب، على الرغم من أن الإقبال عليهما تحسن حديثا، ولكنه لم يصل بعد إلى مرحلة تمكن المجتمع من البدء في صناعات تستخدم فيها المبادئ الرياضية والفيزيائية، كالمحركات والأسلحة والمركبات وسفن الفضاء، فهذه صناعات تتطلب فهما دقيقا ومركبا لذا توصف المنتجات بأنها sophisticated. والحق يقال أن العرب لن يصلوا إلى درجة التفكير الدقيق والمركب، إذ أن اللاوعي الجمعي الذي يعتمد على التفكير المباشر والبسيط يتسرب من جيل إلى جيل، والذي لا يرث هذا العقل، يبحث عن فرصة تناسب قدراته في الخارج. 
بيد أن الفيزياء والرياضيات ليسا المجالين الوحيدين اللذين يتطلبان تفكير دقيقا ومركبا، فالعلوم الاجتماعية تتطلب هذا النوع من التفكير، وهي أهم من الفيزياء والرياضيات، لأنها تتعلق بتنظيم المجتمع وعلاقات الناس ببعضهم البعض وعلاقة الحاكم بالمحكوم، وطريقة إدارة الدولة، وقد عرفت الامبراطورية اليونانية قديما نظاما دقيقا ومركبا لإدارة الدولة المترامية الأطراف، فكان لديها السيماجيا Symachia والسيمبوليتيا Sympolitiea، حيث السيماجيا اتحاد عسكري والسيمبوليتيا اتحاد سياسي، ومن ثم شهدت أوروبا ثورة فكرية بفضل الفلاسفة وعلماء الاجتماع أدت إلى توحد شعوب كانت متفرقة فأصبحت أقوى وأكثر ثراء، وانطلقت في حملات استكشافية واستعمارية حول العالم، وذلك من خلال نظام الفيدرالية الذي أتاح للدول التوحد السياسي والعسكري، وترك لها حرية إدارة شؤونها المحلية. ومن الأمثلة على فلاسفة الفيدرالية الحديثة الفيلسوف الألماني جوهانيس ألثوسيوس (1557-1630) مؤسس الفيدرالية الحديثة حيث يعتبر كتابه Politica Methodice Digesta (1603) مرجعا للنظام الفيدرالي، كذلك أسهم الفيلسوف الفرنسي بارون دي مونتسكو (1689-1755) في نضوج النظام الفيدرالي في كتابه "روح القوانين" The Spirit of Laws حيث أوضح أن نظام فصل السلطات هو أفضل نظام للحكم من حيث حماية الحقوق وضمان عدم وقوع سلطة بيد سلطة أقوى منها، وبهذا ينشأ التوازن في الدولة. أما الفيلسوف الألماني إمانويل كانط (1724-184) فقد اقترح في كتابه On Perpetual Peace الفيدرالية التعاونية: cooperative federalism إنشاء فيدرالية من دول حرة في أوروبا بدلا من مجرد معاهدات سلام، وكذلك الفيلسوف البريطاني جون ستيورت مل (1806-1873) من خلال كتابه Considerations on Representative Government (1861) رأى فيه ضرورة وجود نظام يجمع بين الأقاليم التي لا تريد العيش تحت نظام الدولة المركزية منعا للحروب وحمايتهم من الاعتداء الخارجي وحدد لهذا التوحد ثلاثة شروط هي وجود هوية مشتركة أو عرق أو لغة أو ديانة مشتركة وألا تكون الأجزاء أقوى من المركز ووجود مساواة بين أجزاء الاتحاد.
وبموازاة التطور في الفكر السياسي، كان هناك تقدم في العلوم والكل يعرف الفرد نوبل، المهندس السويدي الذي اخترع الديناميت في سنة 1867 ومن ثم أوصى بمعظم ثروته التي جناها من الاختراع إلى جائزة نوبل التي سُميت باسمه. وبهذا جمع الأوروبيون ما بين العلم والقوة العسكرية، في الوقت الذي كان العرب يعتمدون على بنادق بدائية الصنع، ويعيشون في قبائل على الغزو والنهب والسلب. 
لكن ذلك التقدم الأوروبي لم يكن ممكنا لولا استعداد الناس لتقبل الأفكار الجديدة، بل والتشجيع عليها، والاحتفاء بمن يقدم أفكارا جيدة، ونتيجة لهذا الاستعداد أصبحت تلك الدول هي الأقوى والأكثر ثراء، والأغزر والأفضل إنتاجا. 
في مقابل تلك الصورة المشرقة، يوجد في العالم العربي دول عظيمة الثراء، ولكنها عاجزة عن التكامل فيما بينها، بدرجة تتيح لها الوفر والقوة والاعتزاز بالهوية، وهذا يرجع إلى بساطة التفكير وعدم القدرة على الابتعاد في التحليل وربط الأسباب بنتائجها، كما حدث في أوروبا إذ ما أن وضع كارل دويتش (1912-1992) نظرية التكامل السياسي على أنه بشكل أساسي تكامل وظيفي ومن ثم إرينست هاس Haas Ernest (1924-2003) الذي وضع نظرية الوظيفية الجديدة neofunctionalism حتى طبقت النظريتان بما يحقق مصلحة تلك الشعوب. فهؤلاء أناس تنفيذيون، قليلو الكلام وكثيرو الفعال. والغريب أن التكامل لم ينشأ بسبب العوامل المشتركة في العرق واللغة والدين، بل بالقيم المشتركة، إذ ما الذي يجمع بين ألمانيا وفرنسا؟ لا شيء سوى القيم والرؤى المشتركة، كما أن الاتحاد الأوروبي رحب بدول أوروبا الشرقية الخارجة من الاتحاد السوفيتي السابق بسبب الاشتراك بالقيم، وهي الديمقراطية والحريات واقتصاد السوق والابتكار والتنافس الشريف والمساواة. وكل هذا بفضل الدقة في التفكير، فقد تمكنت تلك الشعوب من تحقيق الاتحاد والاستقلال في نفس الوقت، لأن نظرهم بعيد وينشدون الاستدامة في الرفاه والاستمتاع بالحياة.
نعود للفكر الدقيق والفكر البسيط، إذ ليس بمقدور كل إنسان التعمق في التحليل وتنظيم الإدارة بحيث تعود المكاسب على الجميع، ويستفيد الجميع من الاتحادات والتحالفات. وهذا غير متوفر للعقل العربي، فنحن نحافظ على عقلية العصبيات والاستحواذ والاستئثار للقبيلة والعشيرة، ولا يمكن أن نوسع إطار الاحتواء لتقبل الجميع في نظام يعم خيره على الجميع، في الوقت الذي يسمح بالحريات الفردية واستقلال مكونات الاتحاد، فهذا تناقض يصعب على العرب التوفيق بينه ويحتاج إلى معجزة في عالمنا العربي الميال إلى التبسيط والتسطيح والمباشرة.