نتيجة الظلم والإضطهاد الذي تعرضت له الشعوب في الدول العربية، حيث أن حكومات هذه الدول مارست كل أنواع التعذيب والترهيب والتخويف بحق شعوبها، وخلقت الكثير من الأجهزة الأمنية والتي أصبحت عبارة عن سيوف مسلطة على رقاب الشعوب، فأعتقلت بشكل تعسفي وأستبدت بحق الأبرياء وزجت بهم في السجون بدون محاكماة عادلة.

هذه الحكومات لم تأتي إلى سدة الحكم بالسبل الديمقراطية المعروفة وأنما أتت أما عن طريق الأنقلابات أو عن طريق الوراثة، وبالتالي أصبح همها الوحيد تثبيت سلطتها بكل الوسائل المتاحة سواء كانت شرعية أو غير شرعية، فأنتشرت الأمراض الاجتماعية في مؤسسات الدولة من الفساد والمحسوبية والرشوة، ونتيجة هذا الإضطهاد أراد بعض فئات الشعب المطالبة بحرياتها المهضومة وبحقوقها الطبيعية والمكتسبة وهذا مالم يرق لسلطات الحاكمة، فخرجت إلى الشارع مطالبة بذلك ولكن ومع الأسف تدخلت الكثير من القوى الاقليمية والدولية في الشؤون الداخلية لتلك الدول فأنقلبت هذه الثورات إلى نقمة على رأس شعوب المنطقة التي طالبت بالحرية عوضاً أن تكون نعمة لهم.

وكذلك أزداد عدد الجماعات المسلحة في تلك المجتمعات وظهرت العديد من التنظيمات الإرهابية وكل هذه مرتبطة بجهات خارجية وتستفيد منها، فأرتكبت بحق الشعوب الكثير من الأعمال الأجرامية من الخطف والقتل والنهب والسرقة وأنقسم الشعب إلى طوائف وأصبحت الحرب الطائفية هي سمة الأساسية في الأزمة السورية، وكذلك فُقد الأمن والسلام في المجتمع فالكل أصبح يقاتل الكل. وبذلك أختلطت مفاهيم الديمقراطية عند الشعوب في تلك الدول، فالديمقراطية التي نعرفها ونطالب بتطبيقها في مجتمعاتنا هي التي تهدف إلى إقامة الدولة المدنية، وتطبيق العدالة بكل جوانبها وأن يتمتع الفرد بكل حرياته من التعبير والنقد وأبداء الرأي وحق الأقتراع والأنتخاب وحرية الإعتقاد والمساواة أمام القانون وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص فأصبحت مفاهيمها حسب فكر وثقافة كل جماعة من هذه الجماعات التي لاتفقه شئ، فالديمقراطية عندها هي فكرها وثقافتها وعلى الكل التقيد بها وكل من لايوافقها ينعت بالكفر والالحاد ويهدر دمه، فهذه الديمقراطية أصبحت ديمقراطية الغابة فالقوي يلتهم الضعيف، وتم فرض إيديولوجيات على الشعوب وهذه لاتمت إلى الحضارة والتقدم بشئ ونتيجة هذه الممارسات أنهارت الدول وتفككت مؤسساتها ودمرت البنية التحتية للمجتمعات.

والأهم من كل ذلك هو أن يتم أللغاء الدساتير القديمة ويشرع قوانين ودساتير قائمة على الأسس والمبادئ الديمقراطية وأن يستمد الدستور مواده من مبادئ حقوق الإنسان وكرامته ومن المواثيق والعهود الدولية التي تطرقت لذلك وأن لايعتمد على شريعة دين معين حتى لايجحف بحق الأخرين.

وحتى أن تعود الدول إلى ماكانت عليه قبل هذه الموجات يتطلب العشرات من السنين (فعيش ياأبن آدم).

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا أن الديمقراطية تتطلب إقامة الدولة المدنية وتطبيق العلمانية وبالتالي فصل الدين عن الدولة فهل تقبل هذه الجماعات هذا، وخصوصاً هذه تقول بأن الديمقراطية هي ضد عاداتها وتقاليدها وتحارب معتقدها؟