دأبت إيران على لعب دور "البلطجي" الاقليمي في السنوات الأخيرة، ويبدو أنها استساغت هذا الدور، الذي حققت من خلاله الكثير من المكاسب الاستراتيجية بتدخلات غير مشروعة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ولذا فقد سعت خلال الأيام الأخيرة إلى فتح ساحة جديدة لممارسة هذا النمط من السلوك غير المعتاد دولياً، حيث بدأت في الترويج لمزاعم حول تبعية جزيرتين إمارايتين جديدتين لها، بخلاف الجزر الثلاث التي تحتلها بالفعل وهي "طنب الكبرى" و "طنب الصغرى" و"أبو موسى"، لكن الآن تدعي ملكية جزيرتي "أريانا و "زركوه"!!

المزاعم الأخيرة وردت على لسان عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية بمجلس الشوري الايراني مسعود جودرزى، الذي أعلن أن وزارة الخارجية الايرانية تعد الوثائق اللازمة للمطالبة بالجزيرتين. وزعم النائب الإيراني في مقابلة مع موقع ميزان التابع للبرلمان الإيراني، أن هناك وثائق لا تقبل التشكيك تثبت ملكية بلاده لهذين الجزيرتين، وأن طهران سوف تدافع عن ما وصفه بـ"حقها"!! وقال جودرزي "إننا وجدنا وثائق غير قابلة للتشكيك تثبت تملك إيران لهاتين الجزيرتين (المحتلتين) من الإمارات، وسنقدم شكوى قضائية دولية عبر وزارة الخارجية لاسترجاعهما قانونيًا"، وزعم غودرزي أن الإيرانيين سكتوا كثيرًا على ادعاءات الإمارات بتحريض من السعودية والدول الأخرى على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، مضيفًا أن عليهم (الإماراتيين) أن يعلموا أن هذه الادعاءات لن تكون دون جواب من إيران.وتابع: "وإضافة إلى أنهم لن يحصلوا على شبر واحد من هذه الجزر، فإن إيران ستسترجع جميع جزرها التي احتلها الإماراتيون وغيرهم لتقاعس السلالة البهلوية والقاجارية في إيران".

هذا هو نص تصريحات النائب الإيراني المقرب من الحرس الثوري، وهذه المزاعم ليست جديدة بالنسبة لمراقبي الشأن الايراني، فقد سبق أن ترددت على لسان نواب إيرانيين لهم علاقات معروفة أيضاً بقادة الحرس الثوري، فمنذ عامين تقريباً ردد النائب السابق لرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، منصور حقيقت بور، الذي يعتبر من التيار القومي الايراني المعادي للعرب، المزاعم ذاتها حرفياً، حيث زعم أيضاً أن الجزيرتان تابعتان لإيران، وأنها ظلت صامتة على هذا الاحتلال، ولكن هذا "لا يعني أن تستمر الامارات في التطاول على إيران"!!!

تصوروا أن إيران صامتة على "إحتلال إماراتي" لجزيرتين طيلة تلك السنوات، وتقف متفرجة على ما تشهده إحداهما ، وهي جزيرة "زاركوه" من طفرة في مجال استخراج النفط ولا تحرك ساكناً !!! ماكل هذا التسامح والنبل أيها الملالي؟! وأين هذا كله من غوغائيتكم وبلطجتكم الاقليمية طيلة السنوات الماضية؟.

حقاً إن لم تستح فافعل ماشئت، هذا هو مايفعله نظام الملالي الآن، فهو يمارس هواية النصب الدولي علناً، ويثبت أنه بلطجى محترف يريد السطو على سيادة دولة مجاورة في وضح النهار!!

إذا كان نظام الملالي انتحاري ويريد أن يفتح جبهة صراع اقليمية جديدة، فعليه أن يتيقن من أنه سيكون الخاسر الأوحد من الهمجية التي يمارسها، فدولة الإمارات وأشقائها من دول التعاون قادرون على صد أي اعتداء إيراني على سيادة بلادهم، ورد الصاع صاعين لكل معتد آثيم، وإيران تدرك ذلك جيداً، فاليوم ليس بالأمس، وعلى الملالي أن يحذروا جيداً ويعيدون حساباتهم مرة تلو الأخرى قبل أن يستمروا في هذا العبث، الذي يورطهم فيه صبيان الحرس الثوري وجنرالات المعارك التلفزيونية، الذين يظنون أن مطاردة بضعة مئات من فلول "داعش" في صحراء العراق ومدنه تضاهي الاستيلاء على أراضي دولة ذات سيادة وقادرة على الزود عن كل شبر من أراضيها وحمايته من كل معتد أثيم.

وإذا كانت إيران تمتلك بالفعل أوراقاً ووثائق تثبت سيادتها على الجزيرتين التي تزعم ملكيتهما، فعليها أن تحضر أيضاً وثائق ملكيتها للجزر الثلاث التي تحتلهما عنوة منذ عام 1971، ولنذهب جميعاً إلى التحكيم الدولي ليأخذ كل صاحب حق حقه، بدلاً من هذه المهاترات الإعلامية والسياسية، التي لا طائل من ورائها.

الملالي يمارسون السياسة بعقلية قديمة متهالكة، ويظنون ظن السوء بأن ادعاء ملكية جزيريتين إمارايتين يمكن أن يمثل ورقة ضغط على الامارات كي تكف عن المطالبة باستعادة جزرها الثلاث المحتلة، وهذا هو الغباء بعينه أيها الملالي، فمثل هذه الادعاءات لن تنطلي على طفل صغير، فكيف بترويجها بين الدول وداخل المحافل والأوساط الدولية، فالجميع يعرف أن دولة الامارات هي من تطالب إيران بحل قضية الجزر الاماراتية الثلاث سواء من خلال مفاوضات مباشرة أو عبر التحكيم الدولي، والملالي يتهربون طيلة العقود والسنوات الماضية من هذا الاستحقاق السيادي، ويتمترسون وراء عبارات فارغة مثل "سوء الفهم" وغير ذلك من أحاديث خاوية، حسناً أيها الملالي إنه "سوء فهم" فلتذهبوا إذا إلى القضاء الدولي لتوضيح أبعاد ذلك وشرح وجهة نظركم ومحاججة الامارات بما تمتلكون من وثائق ومستندات تثبت ملكيتكم للجزر الثلاث الاماراتية، التي تحتلونها من دون سند تاريخي أو قانوني!!

الحقيقة الوحيدة التي تفرزها هذه المزاعم الايرانية، أن نظام الملالي لن يتغير وأن كل مايردده من ادعاءات حسن الجوار ودعوات للمصالحة وتنقية الأجواء ليست سوى "تقية" أيديولوجية اعتادها هؤلاء المناورون تحيناً للحظة الانقضاض على مكتسبات شعوب المنطقة ودولها، فهو نظام استعلائي توسعي غير قادر على التعايش بسلام مع جيرانه، ولا يعرف سوى لغة القوة، بل يمثل جيلاً من الأنظمة المنقرضة عالمياً، وعلى العالم أن يتكاتف لتخليص الشعب الايراني من هذا النظام المارق الباطش، الذي يتجه نحو مساحة جديدة من الجنون.