بانوراما مآسي شهر نيسان والظلم بحق الشعب الكوردي.
نيسان أقسى الشهور.. هذا هو مطلع قصيدة (الأرض الخراب) للشاعر ت.س. اليوت، ويقصد بقساوة نيسان يوم الاربعاء الحزينة، اليوم الذي صلب فيد سيدنا المسيح -ع-.
ونحن الكورد ايضاً لنا ذكريات مُرّة وقاسية في هذا الشهر الربيعي الجميل.. فالأنفال كان دهراً من الظلم وعصراً من القسوة، وأبشع جريمة ارتكب بحق البشرية، نفذت في نيسان وراح ضحيتها 182.000 الف إنسان بريء براءة الذئب من دم يوسف، ألبسوهم قميص عثمان ليتستروا بها هزائمهم في ساحات الحرب المتكررة وتدميرهم لخيرات العراق الوفيرة، سموا هذه الحملات الوحشية باسم آية قرآنية كريمة والقرآن بريء من فعلتهم الشنيعة هذه، حيث كان آلاف النساء والشيوخ والاطفال منهم من كان في عز نومه ومن كان يحلم في حضن والدته ومن كان في مهده ومن في رحم أمه، وجدوا انفسهم كأسراب طيور محلقة في صحارى جنوب العراق القاحلة، حيث لا ماء ولا زاد وتكويهم الشمس الحارقة بلا رحمة، حتى ابتلعهم الأرض ابتلاعا وهم أحياء.. فسميناهم بالمؤنفلين..
رحلوا بسلام فعليهم السلام..
وفي شهر نيسان رحّلت السلطات العراقية آنذاك آلاف العوائل الكوردية الفيلية بعد ان جردوهم من كل ما يملكون واودع شبابهم في سجون النظام ووزعت املاكهم على الحكام المتنفذين والحكم الا لله العلي العظيم، رحلت السلطات حوالي 300 الف كردي فيلي بوجبات الى الأراضي الايرانية تحت ذريعة التبعية الإيرانية علماً ان أغلبهم كان في العراق قبل نشوء الدولة العراقية، فأي مكيدة دنيئة هذه؟؟!
رحلوا بسلام فعليهم السلام.
وفي 24 نيسان قصفت الطائرات العراقية بشكل همجي قصبة قلعة دزة ودمرت المساجد والتكيات وادى الى استشهاد اكثر من مائة مواطن اعزل وجرح المئات الآخرين وبعد يومين فقط كرروا الفعلة الشنيعة في مدينة حلبجة أي 26 نيسان بقصفهم بالقنابل الحارقة والنابالم مسببا استشهاد اكثر من 60 مواطناً مدنيا وجرح 150 آخرين واحراق وتدمير عشرات دور العبادة والتكيات والمدارس وروضات الاطفال بدون رحمة او شفقة..
وفي هذا الشهر ايضا شنت حملة الترحيل للقرى والقصبات والمدن الكردية فدمرت حوالي 4000 قرية وآلاف المساجد ومئات الجوامع وفجروا آلاف الينابيع والكهاريز، بعنجهيتهم هذه حاولوا تدمير البنى التحتية لسوسيولوجيا الكرد وطمس هويته القومية.. فأي عصر بربري هذا..
فعليهم السلام
وفي هذا الشهر ايضاً حدثت الهجرة المليونية الخالدة التي كانت بمثابة استفتاء جماهيري موحد حيث قال الشعب الكردي بصوت واحد موحد لا للدكتاتورية، فسلك الشعب دروب الجبال والوديان والسهول كي لا يبقى تحت تلك الرحمة التي لم توجد في قواميسهم فماتت مئات بل آلاف المواطنين من الأطفال والمرضى والشيوخ فماتت مئات الأمهات الحوامل في المغارات والكهوف وفي العراء ومات الشيخ الهرم على قارعة الطريق، والمتصوف التقي الورع لم يقرأ حتى فاتحة رحيمة وتركوا في الطريق جثث هامدة..
رحلتم بسلام فعليكم السلام
وفي هذا الشهر رحل عنا المفكر الكبير ابراهيم احمد برحيله سقط هرم من اهرامات الكورد، وقطب من اقطاب الصحافة، وقلم من الاقلام القلائل التي لم يقل الا الحق وأب وانسان و صانع كلمات في زمن كانت الكلمة صدقة..هذا الانسان وهب حياته للكورد فهو الأب الروحي للسياسة الكوردية بل معلم السياسة اولا ثم الراسم للدرب المستقيم لمن أتى بعده..
فنم بسلام يا سيدي، وعليك السلام..
وفي هذا الشهر قصفت القرى والقصبات الكوردية بالأسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا والشهداء بالآلاف..
وما عسانا الا ان نقول لمن رحل عنا في نيسان الا (رحلتم بسلام فعليكم السلام)
وفي الاول من هذا الشهر من العام 2017 قرر أبناء جلدتنا من أعضاء البرلمان العراقي عدم رفع العلم الكوردستاني فوق مباني كركوك، ناسين أو متناسين بأن أكثر من 1600 ألف وستمئة من أبناء البيشمركة الكورد ضحوا بأنفسهم تحت هذا العلم ودفاعا عن مدينة كركوك!!!
فكيف لا يكون نيسان أقسى الشهور؟؟؟