جريمة السلاح الكيماوي في خان شيخون لا يعادل واحد بالمئة من جريمة حلبجة عام 1988حيث كان عدد الضحايا 5 آلاف خلال دقائق فقط ولازالت تاثيرات الغاز السام مستمرة حتى يومنا هذا من تشوهات خلقية وعقم الرجال والنساء وامرض جهاز التنفس وتلوث البيئة وغيرها.
بقي العالم العربي والاسلامي حينها ساكتا عند تعرض حلبجة الكردية الى الكيماوي والقليل جدا عبر عن استنكار خجول. 

معظم الدول والمجتمعات العربية اليسارية والقومية والاسلامية ووو... لم تحرك ساكنا حينها و لم نشهد ولا حتى مجرد مظاهرة واحدة في طول العالم الاسلامي وعرضه استنكارا ضد تلك الجريمة النكراء بل ذهب البعض من الدول والمنظمات العربية والاسلامية الى مؤازرة صدام حسين ووقفوا الى جانبه ضد الغرب الذي استنكر الجريمة اعلاميا وذلك من خلال ترديدهم قول : الحملة الظالمة ضد العراق الشقيق.

من سخرية القدر ان النظام الوحيد الذي ادان جريمة حلبجة حينها كان هذا النظام السوري الحالي في عهد الاسد الاب طبعا ليس حبا في الكرد وانما نكاية بصدام.
السكوت العربي والاسلامي على جريمة حلبجة في عام 1988 دفع ثمنه الآن الابرياء والاطفال في خان شيخون.

لو كان العالم الاسلامي والعربي حينها وقف ضد تلك الجريمة واتخذ الاجراءات اللازمة مثل فرض العقوبات الاقتصادية وقطع العلاقات الديبلوماسية مع نظام بغداد وحثت الجماهير على التظاهر والاحتجاج لما تجرأ اليوم النظام السوري على الاقدام على استعمال هذا السلاح الاجرامي في خان شيخون ولكن وبكل اسف سارالجميع على مبدأ انصر اخاك ظالما او مظلوما.

هذه اللامبالاة اتجاه الآخرين متأ صلة في المجتمعات العربية ــ الاسلامية منذ قرون والدليل هو في هذه الثقافة الشعبية والتي تدخل في باب اقوال شعبية:

الف عين تبكي وعين امي ما تبكي
الحية التي لا تلدغني لتعيش مئة عام
الف قلبة ولا غلبة
الف قولة جبان ولا قولة الله يرحمو
اذا احتجت الكلب قوللو يا حاج كلب
لازالت شعوب الشرق الاوسط مغيبة ومسلوبة الارادة حيث لم نر حتى الآن اي تحرك جماهيري عفوي شعبي ضد ما جرى في خان شيخون .
هنا لا اقصد التظاهر والاحتجاج ضد الانظمة والحكومات لانه خارج موضوعنا اليوم ولكن فقط ضد السلاح الكيماوي المحظور عالميا .استعمال هذا السلاح هو اهانة لشعوب المنطقة جميعا .
شعوبنا فقدت الكثير من القيم الانسانية وتحولت الى مجرد هياكل لا احساس فيها ازاء ما تتعرض له شعوب المنطقة من جرائم رهيبة وهنا لا استثني اي شعب او مجتمع لم يقيم الدنيا ويقعدها على رأس المجرمين من الحكام والدول التي قامت بالمجازر الوحشية ضد مواطنيهم باسلحة الدمار الشامل او بالتعذيب الوحشي والمخزي في الاقبية والسجون .
عارعلى كل شعوب المنطقة على هذه اللامبالاة ازاء هذا الحدث الجلل في خان شيخون المنكوبة وهذه الشعوب تجلس القرفصاء بانتظار المنقذين من " اهل الكفر والفسق والفجور" .
لازال هناك الوقت سانحا امام الشعوب العربية والاسلامية للقيام بحملات الاستنكار والاحتجاج بزخم تهز الدنيا وتزلزل الارض ويكون درسا لكل من تسول له نفسه الاقدام على جرائم مماثلة مستقبلا من حكام وحكومات . هذه مهمة عائدة الى الشعوب وبالدرجة الاولى منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان ومشابه .
اصبحنا شعوبا خاملة هامدة جبانة .
سوف تحتقرنا شعوب العالم وكذلك التاريخ على ما يحدث في بلداننا من شنائع وفظائع ونحن ساكتون نائمون .القاء المسؤولية على الانظمة فقط لا يكفي ولن يحل المشكلة .كما انتم يولى عليكم .
لو تحركت شعوب المنطقة بالشكل اللائق الآن لكان تاثيرها مثل القصف الامريكي واكثر ولكن هيهات فالشعوب مخدرة ومسلوبة الارادة ومئة عين تبكي وعين امي ماتبكي .
مواقف شعوبنا المشلولة تذكرنا بشعر المرحوم نزار قباني خبز وحشيش وقمر . ادناه تجدون شعر القباني .

عندما يولدُ في الشرق القمرْ..

فالسطوحُ البيضُ تغفو

تحت أكداس الزَهَرْ..

يترك الناسُ الحوانيت و يمضون زُمَرْ

لملاقاةِ القَمَرْ..

يحملون الخبزَ.. و الحاكي..إلى رأس الجبالْ

و معدات الخدَرْ..

و يبيعونَ..و يشرونَ..خيالْ

و صُوَرْ..

و يموتونَ إذا عاش القمر..

***

ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ؟

ببلادي..

ببلاد الأنبياءْ..

و بلاد البسطاءْ..

ماضغي التبغ و تجَّار الخدَرْ..

ما الذي يفعله فينا القمرْ؟

فنضيع الكبرياء..

و نعيش لنستجدي السماءْ..

ما الذي عند السماءْ؟

لكسالى..ضعفاءْ..

يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمرْ..

و يهزّون قبور الأولياءْ..

علَّها ترزقهم رزّاً.. و أطفالاً..قبورُ الأولياءْ

و يمدّون السجاجيدَ الأنيقات الطُرَرْ..

يتسلون بأفيونٍ نسميه قَدَرْ..

و قضاءْ..

في بلادي.. في بلاد البسطاءْ..

***

أي ضعفً و انحلالْ..

يتولاّنا إذا الضوء تدفقْ

فالسجاجيدُ.. و آلاف السلالْ..

و قداحُ الشاي .. و الأطفالُ..تحتلُّ التلالْ

في بلادي

حيث يبكي الساذجونْ

و يعيشونَ على الضوء الذي لا يبصرونْ..

في بلادي

حيث يحيا الناسُ من دونِ عيونْ..

حيث يبكي الساذجونْ..

و يصلونَ..

و يزنونَ..

و يحيونَ اتكالْ..

منذ أن كانوا يعيشونَ اتكالْ..

و ينادون الهلال:

" يا هلالْ..

أيُّها النبع الذي يُمطر ماسْ..

و حشيشياً..و نعاسْ..

أيها الرب الرخاميُّ المعلقْ

أيها الشيءُ الذي ليس يصدَّق"..

دمتَ للشرق..لنا

عنقود ماسْ

للملايين التي عطَّلت فيها الحواسْ

***

في ليالي الشرق لمَّا..

يبلغُ البدرُ تمامُهْ..

يتعرَّى الشرقُ من كلَِ كرامَهْ

و نضالِ..

فالملايينُ التي تركض من غير نعالِ..

و التي تؤمن في أربع زوجاتٍ..

الملايين التي لا تلتقي بالخبزِ..

إلا في الخيالِ..

و التي تسكن في الليل بيوتاً من سُعالِ..

أبداً.. ما عرفت شكلَ الدواءْ..

تتردَّى جُثثاً تحت الضياءْ..

في بلادي.. حيث يبكي الأغبياءْ..

و يموتون بكاءْ..

كلَّما حرَّكهمْ عُودٌ ذليلٌ..و "ليالي"

ذلك الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..

"ليالي"..و غناءْ

في بلادي..

في بلاد البسطاءْ..

حيث نجترُّ التواشيح الطويلةْ..

ذلكَ السثلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..

التواشيح الطويلة..

شرقنا المجترُّ..تاريخاً

و أحلاماً كسولةْ..

و خرافاتٍ خوالي..

شرقُنا, الباحثُ عن كلِّ بطولةْ..

في أبي زيد الهلالي.

كاتب كردي


[email protected]