هناك تقاليد في العمل السياسي للدول تقوم على مراعاة التوازن عند اصدار القرار حيث يجمع كتاب السياسة وشراح الأستراتيجية بان اصدار القرار هو اخطر مرحلة من مراحله فلا بد ان يسبقه دراسة وتحضير وحساب دقيق لمتطلبات القرار وتوقيته وحجم الكلفة او الضرر المتوقع من صدوره ومدى قابلية النظام السياسي على احتواء مثل ردود الافعال والخسائر المترتبة عليه .

هذا في ظل نظام سياسي تتكامل وحداته الفرعيه ونظمه المساعدة ويشتغل وسط ظروف طبيعية فكيف هو الحال في بلد مثل اليمن العزيز على قلوب العرب وهو يعيش وضعا استثنائيا وفق كل المقاييس فشرعية الحكم مغطاة بقرارات دولية واسناد عربي واقليمي ويعيش وسط حرب داخلية تتصارع فيها سلطتان احداهما انقلابية شريرة والاخرى حكومة شرعية اغلب اجهزتها في الخارج فوسط هذه المعطيات يصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قرارات متشنجة وغير مدروسة بعزل مسؤولين من جنوب اليمن في عدن وعلى رأسهم المحافظ اللواء عيدروس الزبيدي والذي يشهد له الجميع انه نجح مع جهود رفيقه ابن عدن اللواء شلال شائع مدير الأمن في تثبيت استقرار امني جيد للمدينة فائقة الأهمية في اليمن ونجحا من خلال تواصلهما مع الدول العربية الشقيقة في تدبير منح ومساعدات اخوية لتسيير دواليب ادارات الحكومة وتمشية امور العباد وافتتاح مطار عدن شبه المدمر وانتظام الدراسة وعدم ضياع عام دراسي على اشبال وزهرات عدن ..

صحيح ان المنصب ربما له بريق في الاوضاع العادية لكن ما الذي يبتغيه عيدروس الزبيدي من المنصب وقد خلف سلفه الذي ذهب ضحية اغتيال والرجل نفسه نجا بأعجوبة من اكثر من عشر محاولات اغتيال منها اربعة سيارات مفخخة تناثرت بجانبه او بالقرب منه . 

الا انها امانة المسئوولية والوضع الحساس والدقيق في جنوب اليمن وليس لدي شك بان الرئيس هادي مدرك لطبيعته وحجم تفاعلاته اليومية ويأتي بجرة قلم ليعزل المحافظ ووزير اخر يمثلان ثقلا معنويا وشعبيا في المدينة ومن عاش في اليمن لسنوات عدة يعرف ان الرئيس عبد ربه منصور هادي لا يمتلك قاعدة شعبية او سند سياسي واسع فقط خدمته اللحظة والظروف ففي الوقت الذي ينبغي على الرئيس ان يعزز من مكانتهما ويوفر لهما اسباب الدعم يقوم بعزلهما وربما لن يمر وقت الا وقد تغدى باللواء شلال مدير الامن لكي يحقق مطالب الأخوان المسلمين الذين فقدوا تأثيرهم في شمال اليمن ولم تعد امامهم ساحة للمناورة والمشاغبات سوى مدينة عدن هذه المدينة الباسلة التي تحررت من الأرهاب القاعدي والحوثي بسواعد وتضحيات ابناءها مبكرا وتحولت الى قوة دفع واسناد لحكومة هادي بل الى عاصمة بديلة ..

هذا الرئيس غير القادر على اتخاذ القرار الصحيح يعرض اليمن وعدن الى مخاطر جمة بل يعرض قوى التحالف العربي والتي قدمت تضحيات جسيمة الى مشكلات واشكالات عدة . 

اليمن على مفترق طرق خطير وعدن تغلي بسبب قرارات الرئيس غير الصائبة والعودة عن الخطأ فضيلة كما قالت العرب والا فلا الرئيس عبد ربه ولا حكومته لها قابلية على انهاء الاحتجاجات الشعبية والحراك الجنوبي المتصاعد في وقت تتهيأ قوات الجيش الوطني اليمني بدعم واسناد كبيرين من التحالف العربي في استكمال تحضيرات تحرير الحديدة يفاجأنا الرئيس في توقيت قراراته التي لا تخدم احدا واليمن فعلا في مأزق كبير بمثل هذه الانفعالية والتهور من الرئاسة والا سيصدق حال اليمنيين حينما يرددون الطرفة التي تقول :

اننا البلد الوحيد في العالم لدينا رئيسان الاول في الداخل لا نتمكن من اخراجه والثاني في الخارج لا نستطيع من ادخاله!

[email protected]