يتحدث كتاب وصحفيون ووزراء ونواب في الائتلاف الشيعي؛ أن الناس في العراق، وفي العالم العربي؛ يكرهونهم وينفضون عنهم، ولا يقيمون علاقات معهم؛ فقط لأنهم شيعة، متحدثين عن عداء تاريخي متوارث، وعن ضغينة طائفية وعنصرية عميقة تقف وراء ذلك، فهم لا يريدون أن يروا الشيعة حاكمين، بل محكومين دائما!

وهذا محض هراء، وتبرير لفشلهم في قيادة الدولة، وصنع كل الأسباب والعوامل التي أدت إلى عزلتهم ونبذهم!

هؤلاء لا يريدون أن يقروا أن الناس تكرههم وتنأى بأنفسها عنهم؛ ليس لأنهم شيعة، بل لأنهم فاسدون، وصل العراق على أيديهم المرتبة الثانية في الفساد عالميا بعد الصومال!

هم لا يريدون أن يقروا أن الناس تكرههم لأنهم أقاموا حكما طائفيا مزجوا فيها شعائر الطائفة التي لا اعتراض عليها أن تقام في الحسينيات أو في البيوت أو داخل المراقد الكبرى، لكنهم جعلوها شعائر وطقوس للدولة نفسها فعطلوها وشغلوا موظفيها ودوائرها عن أعمالهم العامة، وسدوا الشوارع والمدن وشلوا الاقتصاد والصحة والتعليم، باختصار: رهنوا حياة العراقيين كلها، من أجل موتى هم في غنى عن كل هذا البكاء والعويل الذي هو دعاية سياسية وانتخابية لاأكثر! 

هم يكرهونهم لأنهم لم يحترموا جوهر الطائفة وحدودها، فحولوها إلى طائفية، وسياسة تمييز ضد الآخرين، فصارت الوظائف الكبرى والحاسمة وقفا عليهم وعلى أتباعهم؛ حتى لو كانوا غير كفء، وغير جديرين بها!

ضربوا معيار المواطنة، وكون العراقيين جميعا سواسية في الحقوق والوجبات، وأشاعوا معيار ما يسمى بالقرابة والانتماء لأهل البيت!

هم يكرهونهم أنهم لم يسمحوا لغير الأشخاص الذين على شاكلتهم بل أكثر بؤسا وتعاسة من الطائفة الأخرى، ليبتلعوا فتات المسئولية في البلد؛ فكونوا هذه الخلطة المشوهة من جهاز الدولة المتضخم المنهمك بالسرقات والرشاوى ؛ ما جعل الدولة الأكثر فشلا في العالم! 

هم يكرهونهم لأنهم عجزوا عن تقديم الخدمات الضرورية للناس فلا كهرباء ولا ماء ولا أمنا ولا طرق مواصلات سالكة ناهيك عن انعدام أية مشاريع اقتصادية إنتاجية فصار الملايين ينحدرون تحت خط الفقر!

هم يكرهونهم لأنهم لم يعتمدوا الجيش الوطني لحماية الدولة بل اعتمدوا على قوة إيران وميليشياتها يتقدمهم الحرس الثوري الإيراني وسليماني وسفيرهم في بغداد، وبذلك أسلموا استقلال البلاد وسيادتها لقوة أجنبية مهما تحدثوا عن لحمتها معهم بالمذهب والطائفة، فإنها في النهاية لن تغلب سوى مصلحة إيران! 

كل هذا الركام من الخراب فتح جميع الأبواب للإرهاب فدخلت داعش،وقد غض المالكي الطرف عنها، وكان ينوي بذلك امتدادا لسياسته الطائفية تدمير مدن الطائفة الأخرى، وجلب المزيد من الوجود العسكري الإيراني في العراق، وما يحدث اليوم من خراب وقتل وتشريد ونفوذ المليشيات يؤكد ذلك! 

نظام الحكم الحالي برجاله ونسائه ليس مكروها لأنه شيعي، بل لأنه نظام طائفي فاسد وفاشل ومنتج للإرهاب، وعاجز عن تقديم الخدمات العامة والضرورية للناس! ودليلنا على ذلك أن ما يقارب ثلثي الشيعة في العرق يكرهونه، ويضربون صور رموزه بالأحذية، وهم اليوم منتفضون من البصرة حتى شمال بغداد! يهتفون "باسم الدين باكونا الحرامية!"

لم يتحسس ولم يتذمر أبناء الطوائف والأديان الأخرى أن يحكمهم أو يقودهم رجال شرفاء نزيهون من الشيعة، فقد توالى في حكم العراق الحديث رؤساء وزراء، ووزراء كثيرون من الشيعة. فهناك جعفر أبو التمن وصالح جبر وعبد الوهاب مرجان وفاضل الجمالي وسعد صالح وإبراهيم كبة ومحمد مهدي كبة والشبيبي وعشرات غيرهم! وكان كثير من مؤسسي وقادة أهم الأحزاب الثورية والعلمانية وقادة الرأي العام من مثقفي ومفكري الشيعة، فالجواهري وعلي الوردي وبحر العلوم،وسلام عادل وحسين الشبيبي، وعبد الرزاق محي الدين وأحمد الحبوبي وفؤاد الركابي، وغيرهم كثيرون كلهم من الشيعة الذين كان انتمائهم الأول والأخير لوطنهم وشعبهم، وليس لإيران! 

الشيعة هم الشطر الكبيرمن جسد العراق وقلبه وضميره،وإنها لغفلة قدر أهوج أن تأتي هكذا طغم فاسدة مفسدة لتدعي تمثيلهم، لكن ما يدعو للأمل حقا أن أكثرية الشيعة قد استيقظوا، ولن يناموا بعد الآن على ضيم!