تشكل في عدن المجلس الأنتقالي ليكون مظلة سياسية وجسم تنظيمي يسعى لتحقيق أرادة الجنوبيين والتي ما انفكوا طوال سنين يعبرون عنها باشكال مختلفة بهدف نيل استقلال الجنوب العربي وتحقيق هويته الوطنية المستقلة .

مما لا شك فيه ان هناك عدد من الكتاب وسياسيين يحاولون لي عنق الحقائق التاريخية والاجتماعية سعيا وراء التشكيك في قدرة هذا المجلس واهدافه بل وصل بهم الرفض الى تشبيهه بالمجلس السياسي للحوثيين في محاولة لخلط الاوراق والتشويش على عدالة قضية الجنوب العربي في اليمن وهنا لا بد لي من التنبيه لملاحظة النقاط الأساسية التالية :

اولا.. ان الوحدة اليمنية ليس قرآنا منزلا او قدرا سماويا حتميا كتب على اهلنا في جنوب اليمن فهي اصلا معاهدة او اتفاقية رضائية بين طرفين متعاقدين يحق لهما او لأحدهما العدول عنها متى ما استشعر انها لا تلبي مطالبه او تحقق الغايات المرجوة منها ومن يقول بانها محاولة انفصالية فهو لا يعرف حقائق الأشياء فاليمن التي توحدت في مايو عام 1990م حصلت بها بعد اربعة سنوات فقط اول محاولة جنوبية ايام الزعيم اليمني الجنوبي علي سالم البيض وحزبه الأشتراكي اليمني للخلاص من هذه الوحدة التي قادتهم اليها متغيرات دولية معروفة ومعطيات داخلية ليتاجر بها الرئيس المخلوع علي صالح ويشهرها كقميص عثمان بوجه خصومه ومن ثم يقوم بدك الجنوب بصواريخه ومدافعه دكا ويجتاح العاصمة عدن بقوة السلاح فعن اي وحدة وخيار أزلي للشعب يتحدث المغرضون ؟

ثانيا.. اليمن الآن ليست دولة متماسكة ومن الطبيعي ان ترتفع مطالبات الناس بتحقيق اهدافهم المشروعة والتي تتلخص بحق استعادة دولتهم والتي لم يمر على غيابها مئة عام او قرون انما هي لا زالت طرية في مخيالهم بل لم يستسيغوا البديل وهي كحال الدول العربية نالت استقلالها من الأنجليز عام 1967م واصبحت عضوا في الجامعة العربية والامم المتحدة والحديث اليوم عن اتفاقية الوحدة لا معنى لها فحتى الرئيسين اللذين امضيا عليها وهما السيد علي سالم البيض اصبح لاجئاً خارج اليمن واصدر بيانا واضحا يؤيد فيه بقوة قيام المجلس الانتقالي برنامجه الوطني وأما الطرف الثاني فهو الرئيس السابق علي عبدالله صالح تحول من زعيم يمني الى مجرد رئيس ميليشيا متحالف مع اذناب إيران ولم تعد البلاد كما كانت سابقا فتحولت الى مقاطعات متنازعة ورئيس يقيم خارج بلده مع حكومته ويتخبط في قراراته ولا يعلم شيئا في اي اتجاه يسير ..

فما هي صورة اليمن التي سيرسمها الجنوبيين في عقلهم وهم انتفضوا وحررو مدنهم من قبضة الارهاب والهيمنة الحوثية ليعودوا مرة اخرى تحت عباءة حزب الأصلاح وتجار الحروب .

ثالثا.. قضية الوحدة مشروع عربي وقومي له اساساته في ازمنة مضت وحتى الزعيم القومي الخالد عبد الناصر عندما حدث الانفصال في الاقليم الشمالي (سوريا) عام 1961م والتنصل من الوحدة المصرية السورية التي قامت عام 1958م لم يرسل قواته لأستعادتها بالقوة بل قال ان الوحدة التي تستمر بدماء الناس وتدمير الممتلكات لا نريدها..

وخذ مثلا بريطانيا الان تلملم اغراضها للخروج من الاتحاد الاوربي الذي دخلته ايضا بمعاهدة وخرجت منه بأستفتاء وكذا حال جمهوريات الاتحاد اليوغسلافي والاتحاد السوفيتي ايضا اختارت كياناتها المستقلة فلماذا يصر البعض على حرمان الجنوبيون من حقهم في استعادة دولتهم وليس الانفصال ولتقم الامم المتحدة بعملية استفتاء شفافة في جنوب اليمن لتعرف نسبة المصوتين بنعم على الراغبين بقيام دولة جنوب اليمن وهذه الدولة المستعادة بالتأكيد ستكون شريكة في محاربة النفوذ الإيراني والارهاب وهم عرب اقحاح وجزء من امتهم العربية ونسيجها القومي ولن يتحولو الى كوريين او قوم من الهملايا ؟؟ 

رابعا.. كتب الأستاذ الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد مقالة قبل اسبوع في جريدة الشرق الأوسط وعقد مقارنة بين الرغبة الانفصالية لجنوب اليمن والقضية الكردية وهذا ظلم واجحاف كبيرين لقضية الجنوب العربي في اليمن وتشبيهها بالقضية الكردية فالأكراد لم يكونو يوما دولة مستقلة في يوم عدا جمهورية مها اباد التي استمرت اربعين يوما فقط في إيران بينما الجنوب اليمني تمتع باستقلاله وحاز على اعتراف اممي وعربي ل اربعة وعشرين عاما والفترة القصيرة التي الغيت بها دولتهم لا يعتد بها فهم انتفضوا يطالبون بأستقلالهمعام 94م ودفعوا تضحيات غالية لأجلها وما انفكو طوال السنين الخوالي يعبرون عن رغبتهم في الاستقلال واذا يكون الحال افضل في وجود دولتين شقيقتين متجاورتين بسلام افضل لأستقرار المنطقة والعالم فلم لا يكون ذلك .

والوحدة تكمن في النفوس وليس في النصوص كما يقال واتذكر انني زرت عدن عام 96م وسألت استاذة جامعية حضرمية في جامعة عدن عن ثمرات الوحدة اليمنية لكم فردت مستهجنة السؤال عن اية وحدة تتحدث يا أخي فقد اجتاحتنا جحافل علي عبدالله صالح عام 94م ولا المغول فنهبوا ودمروا كل شيء حتى إفرشة الأرض في البيوت نهبوها بل انهم استولو على كل اراض عدن ومواقعها الجميلة واصبحو الملاكين الجدد لها ؟

المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وقائده الرجل الوطني والعروبي الشجاع اللواء عيدروس الزبيدي واخوته هم نخبة تمثل كل شرائح جنوب اليمن المنكوب ولا بد من التفاهم معهم لخلق آلية حركية عقلانية للتحول الى كيان دولة اليمن الجنوبية ونشر الأستقرار وطمأنة الناس على تطلعاتهم المشروعة وان قيامها سوف يحرم القاعدة والارهاب الحوثي / الأخواني من مساحة واسعة سوف يمكن القوى اليمنية الرافضة للانقلاب الحوثي وبمساندة التحالف العربي من التفرغ لمهمة تحرير صنعاء وبقية المدن كما ان هذه الرغبة هي حق إنساني وديمقراطي مشروع ففي سويسرا مثلا اذا رغب بعض سكان شارع لغلق شارعهم لعدم الأزعاج من سير المركبات فيعملون لهم استفتاء لأتخاذ القرار فهل من العدل اليوم تجاهل رغبة وطموحات شعب بأكمله لا يريد هذه الوحدة عدا الأخوان المسلمين وشيوخهم الذين سيكون عليهم الذهاب لتحرير عاصمتهم صنعاء وترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر .

[email protected]