قناعة التوراة من النيل الى الفرات هدف أستراتيجي ترعاه دول المخابرات وتخصيصاتها المالية الأكثر أهمية لدولة إسرائيل وتوسعها وإستيطان سكانها وسط دول عربية فشلت مشاريع توحيدها كمشروع الهلال الخصيب والوحدة مثلاً.

وهنا يتبادر الى ذهني سبب قول تولوسكي " علينا أن نحترم أقوال الأغبياء لأنهم الأكثرية"وكيف جعلتنا التوراة أمةُُ وسطا بضياع الأرض المقدسة وقتالنا الزمني لبعضنا.

الشعوب المغفلة المندثرة بتعاليم المعرفة التاريخية البسيطة، لاتدرك بسهولة الجغرافية السياسية وخطط تقسيم العالم العربي وأنواع المناهج الأستعمارية القديمة المجددة التي تُمرّر عليها ( بتشديد الراء ) بطلاسم الدكتور والأستاذ الأكاديمي برنارد لويس اليهودي البريطاني الولادة وخادم المخابرات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية قبل حصوله على الجنسية الأمريكية والتدريس عن الأسلام ومذاهب الشرق الأوسط في جامعة برنستون وجامعة كولنيل. وقد إستوقفتني جملة وردت على لسانه " ان العرب والمسلمون قوم فاسدون مفسدون فوضيون إرهابيون لايمكن تحضرّهم ". 

وما شّيعَ وروّجَ له برنارد لويس اليهودي المتطرف النزعة والفكر ليس جديداً علينا. وكلمات التشويق والتضليل والأصلاح والترميم والتخريب والتقسيم " ماشية كالعادة " في عالمنا العربي المنقسم على حاضره ومستقبله، وماتشيعه الصهيونية وأبناءها بطلاسم المستشرق الأكاديمي برنارد لويس. فلماذا أكتب عن تضليله وتهجمه على العرب والمسلمين وهو يقوم بمهمة تخص مصلحة قومه " من النيل الى الفرات " ؟ 

التوراة تدحض الفكرة الخيالية لخرافة "من النيل الى الفرات " والتوراة السياسية الدينية المتطرفة تدعمها. فكيف نفسر هذا التناقض المستحدث للرواية الملفقة التي يتبعها تلامذة برنارد لويسمن الباحثين السياسين اليهود ويروجونها في أوروبا وأمريكا ؟

بصراحة، أني أتعجب مما يسهم به زعماءنا وقياداتنا ونخبنا السياسية والدينية في هذا الحقل، وهم يصغون بآذان مفتوحة وثغور مبتسمة وخضوع وطاعة لما يروجه برنارد لويس لأستقطاع وتجزئة أوطانهم، ويكرسون بأفعالهم وتصريحاتهم وما يريده ويبرره الغرب لإسرائيل بالتوسع الأستيطاني الأستعماري ووضع القوة بيد إسرائيل الكبرى كي تسوق الشعوب الوسطية "وكذلك جعلناكم أمةً وسطا " كي تقاتلوا بعضكم بإقتطاع أجزاء من مصر وسيناء وموانئ الخليج والبحر الأحمر والأردن وسوريا والعراق.

الملوثون المطالبون بالمساواة يصرخون "الله أكبر" والمصلحون في دولنا يصرخون "الله وأكبر" وإعتقاد بعض النخب العربية في ليبيا، مصر، لبنان، سوريا، والعراق بضرورة تقسيم اوطانهم وتبريره هو بلا شك توسيع رقعة الصهيونية وإسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات.

إفتقاد جوهر الحرية والمساواة والعدالة وحقوق الأنسان اضافت لطمة مؤلمة على شعوبنا العربية التي إخترقتها كل رصاصات الغدر وخيانة ووضعتها في خيام الأذلال والخنوع. 

إحلال السلام والطمأنينة للعالم العربي والأسلامي المضطرب على الطريقة الأسرائيلية الأمريكية تتم بتقدم ملحوظ وتستبقه أحداث يراها المواطن بالعين المجردة بإستمرار إقتتالنا (( الأخوان المسلمين يقاتلون في مصر وليبيا، الأحزاب والمليشيات العربية والكردية تقاتل بعضها. أحزاب المعارضة السورية واللبنانية تقاتل بعضها وإستمرار شراء السلاح والعتاد وتكديسه وزيادة تبرع دول الغرب به الى فئات عربية متعارضة متنافسة لقتال بعضها البعض مستمر)). نجاح تام لعمل المخابرات الصهيونية بإبعادها القتال عن داخل الأرض المحتلة، ونجاح باهر لتوسع مشروع دولة اسرائيل العظمى، من الفرات الى النيل.

هل ندم المسلمون على سلامة النهج في مناهجهم التعليمية وإعلامهم وهم يقرأون القرآن بما لايجاوز حناجرهم , يهود التوراة من السفردم والأشكنازي والفلاشا يطالبون الرب والتوسل إليه من حائط المبكي أرجاع قدسية وشرعية الأرض لهم ؟ سؤال معقد تبدأ طلاسمه بقبائل قريش قبل الرسالة المحمدية التي نورت طريق المنهج القرآني ورمي الألهة المنحوتة المصورة في معابد الظلام. 

نزع الشرعية عن الوجود الفعلي لدولة إسرائيل لم يعد مستساغاً قانونياً وخاصة بعد إعتراف دول عربية وعالمية بها تحت مظلة التعايش السلمي ، لكن هذه الدولة دأبت على التوسع والأستيطان بصيغ ربانية منسوخة من طلاسم التوراة ومعتقدات خرافية مسندة على النبي إبراهيم وموسى وتناقلها زعماء اليهود كما دونها أجدادهم لهم في الكتب التعليمية وتبني الصهيونية العالمية لهذه المعتقدات.

كاتب وباحث سياس